الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد .

                                                                                                                                                                                                                                      ما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الكفار يوم القيامة يؤمنون بالله ، وأن ذلك الإيمان لا ينفعهم لفوات وقت نفعه ، الذي هو مدة دار الدنيا جاء موضحا في آيات كثيرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قدمنا الآيات الدالة عليه في سورة " الأعراف " ، في الكلام على قوله تعالى : يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق الآية [ 7 \ 53 ] . وفي سورة " مريم " ، في الكلام على قوله تعالى : أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين [ 19 \ 38 ] ، وفي غير ذلك من المواضع . وقوله تعالى في [ ص: 275 ] هذه الآية الكريمة : وأنى لهم التناوش من مكان بعيد ، أنى تدل على كمال الاستبعاد هنا ، و التناوش : التناول ، وقال بعضهم : هو خصوص التناول السهل للشيء القريب .

                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى : أنه يستبعد كل الاستبعاد ويبعد كل البعد ، أن يتناول الكفار الإيمان النافع في الآخرة بعدما ضيعوا ذلك وقت إمكانه في دار الدنيا ، وقيل الاستبعاد لردهم إلى الدنيا مرة أخرى ليؤمنوا ، والأول أظهر ، ويدل عليه قوله قبله : وقالوا آمنا به ، ومن أراد تناول شيء من مكان بعيد لا يمكنه ذلك ، والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية