الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب البداءة بذوي الفروض وإعطاء العصبة ما بقي [ ص: 67 ] عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر } متفق عليه )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( ألحقوا الفرائض بأهلها ) الفرائض : الأنصباء المقدرة ، وأهلها : المستحقون لها بالنص قوله : ( فما بقي ) أي ما فضل بعد إعطاء ذوي الفروض المقدرة فروضهم ، وقوله : ( لأولى ) أفعل تفضيل من الولي بمعنى القرب : أي لأقرب رجل من الميت

                                                                                                                                            قال الخطابي : المعنى : أقرب رجل من العصبة وقال ابن بطال : المراد أن الرجال من العصبة بعد أهل الفروض إذا كان فيهم من هو أقرب إلى الميت استحق دون من هو أبعد ، فإن استووا اشتركوا وقال ابن التين : المراد به العم مع العمة ، وابن الأخ مع بنت الأخت ، وابن العم مع بنت العم ، فإن الذكور يرثون دون الإناث ، وخرج من ذلك الأخ مع الأخت لأبوين أو لأب فإنهم يشتركون بنص قوله تعالى: { وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين }

                                                                                                                                            وكذلك الإخوة لأم فإنهم يشتركون هم والأخوات لأم لقوله تعالى: { فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث } قوله : ( رجل ذكر ) هكذا في جميع الروايات ، ووقع عند صاحب النهاية والغزالي وغيره من أهل الفقه : " فلأولى عصبة ذكر " واعترض ذلك ابن الجوزي والمنذري بأن لفظة العصبة ليست محفوظة

                                                                                                                                            وقال ابن الصلاح : فيها بعد عن الصحة من حيث اللغة فضلا عن الرواية ، لأن العصبة في اللغة اسم للجمع لا للواحد وتعقب ذلك الحافظ فقال : إن العصبة اسم جنس يقع على الواحد فأكثر ، ووصف الرجل بأنه ذكر زيادة في البيان وقال ابن التين : إنه للتوكيد وتعقبه القرطبي بأن العرب تعتبر حصول فائدة في التأكيد ولا فائدة هنا ، ويؤيد ذلك ما صرح به أئمة المعاني من أن التأكيد لا بد له من فائدة ، وهي إما دفع توهم التجوز أو السهو أو عدم الشمول

                                                                                                                                            وقيل : إن الرجل قد يطلق على مجرد النجدة والقوة في الأمر فيحتاج إلى ذكر ذكر وقيل : قد يراد برجل معنى الشخص فيعم الذكر والأنثى وقال ابن العربي : فائدته هي أن الإحاطة بالميراث جميعه إنما تكون للذكر لا للأنثى وأما البنت المفردة فأخذها للمال جميعه بسببين : الفرض ، والرد وقيل : احترز به عن الخنثى وقيل : إنه قد يطلق الرجل على الأنثى تغليبا كما في حديث : { من وجد متاعه عند رجل } وحديث { أيما رجل ترك مالا } وقال السهيلي : إن ذكر صفة لقوله : " أولى " لا لقوله " رجل " وأطال الكلام في تقوية [ ص: 68 ] ذلك وتضعيف ما عداه ، وتبعه الكرماني .

                                                                                                                                            وقيل غير ذلك والحديث يدل على أن الباقي بعد استيفاء أهل الفروض المقدرة لفروضهم يكون لأقرب العصبات من الرجال ولا يشاركه من هو أبعد منه وقد حكى النووي الإجماع على ذلك وقد استدل به ابن عباس ومن وافقه على أن الميت إذا ترك بنتا وأختا وأخا يكون للبنت النصف والباقي للأخ ولا شيء للأخت




                                                                                                                                            الخدمات العلمية