الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 155 ] ثم دخلت سنة تسع وثمانين وأربعمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن الجوزي : في " المنتظم " في هذه السنة حكم جهلة المنجمين بأن سيكون في هذه السنة طوفان قريب من طوفان نوح ، وشاع الكلام بذلك بين العوام وخافوا ، فاستدعى الخليفة المستظهر ابن عيشون المنجم ، فسأله عن هذا الكلام ، فقال : إن طوفان نوح كان في زمن اجتمع في برج الحوت الطوالع السبعة ، والآن فقد اجتمع فيه ستة ولم يجتمع معها زحل ، فلا بد من وقوع طوفان في بعض البلاد ، والأقرب أنها بغداد ، فتقدم الخليفة إلى وزيره بإصلاح المسنيات والمواضع التي يخشى انفجار الماء منها ، وجعل الناس ينتظرون ، فجاء الخبر بأن الحاج حصلوا بوادي المياقت بعد نخلة ، فأتاهم سيل عظيم ، فما نجا [ ص: 156 ] منهم إلا من تعلق برءوس الجبال ، وأخذ الماء الجمال والرجال والرحال ، فخلع الخليفة على ذلك المنجم وأجرى له جراية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ملك الأمير قوام الدولة أبو سعيد كربوقا مدينة الموصل وقتل محمد بن شرف الدولة مسلم بن قريش وغرقه بعد حصار تسعة أشهر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ملك تميم بن المعز المغربي مدينة قابس ، وأخرج منها أخاه عمر فقال خطيب سوسة في ذلك أبياتا :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ضحك الزمان وكان يلفى عابسا لما فتحت بحد سيفك قابسا     وأتيتها بكرا وما أمهرتها
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إلا قنا وصوارما وفوراسا     الله يعلم ما جنيت ثمارها
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إلا وكان أبوك قبل الغارسا     من كان في زرق الأسنة خاطبا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كانت له قلل البلاد عرائسا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي صفر منها درس الشيخ أبو عبد الله الطبري بالنظامية ، ولاه إياها فخر الملك بن نظام الملك وزير بركياروق .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 157 ] وفيها أغارت خفاجة على بلاد سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس وقصدوا مشهد الحسين بالحائر ، فتظاهروا فيه بالمنكرات والفساد ، فكبسهم فيه الأمير صدقة المذكور ، فقتل منهم خلقا كثيرا حتى عند الضريح ، ومن العجائب أن أحدهم ألقى نفسه وفرسه من فوق السور فسلم وسلمت فرسه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس في هذه السنة الأمير خمارتكين الحسناني .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية