الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 83 ] ذكر إسلام حمزة بن عبد المطلب عم النبي - صلى الله عليه وسلم -

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال يونس بن بكير : عن محمد بن إسحاق حدثني رجل من أسلم وكان واعية أن أبا جهل اعترض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الصفا ، فآذاه وشتمه ، ونال منه ما يكره من العيب لدينه ، فذكر ذلك لحمزة بن عبد المطلب فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها ضربة شجه منها شجة منكرة ، وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة ; لينصروا أبا جهل منه ، وقالوا : ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت . قال حمزة : ومن يمنعني وقد استبان لي منه ، وأنا أشهد أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن الذي يقول حق ، فوالله لا أنزع ، فامنعوني إن كنتم صادقين . فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة ; فإني والله لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا . فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد عز وامتنع ، فكفوا عما كانوا يتناولون منه ، وقال حمزة في ذلك شعرا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 84 ] قال ابن إسحاق : ثم رجع حمزة إلى بيته ، فأتاه الشيطان ، فقال : أنت سيد قريش ، اتبعت هذا الصابئ ، وتركت دين آبائك ، للموت خير لك مما صنعت . فأقبل على حمزة بثه ، وقال : ما صنعت ! اللهم إن كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي ، وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا . فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان ، حتى أصبح فغدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا بن أخي ، إني قد وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه ، وإقامة مثلي على ما لا أدري ما هو أرشد هو أم غي ، شديد ، فحدثني حديثا فقد اشتهيت يا بن أخي أن تحدثني . فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره ووعظه ، وخوفه وبشره ، فألقى الله في قلبه الإيمان بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقال : أشهد أنك الصادق شهادة الصدق ، فأظهر يا بن أخي دينك ، فوالله ما أحب أن لي ما أظلته السماء وأني على ديني الأول . فكان حمزة ممن أعز الله به الدين . وهكذا رواه البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية