الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل في الحجب . يسقط الجد بالأب ، وكل جد بمن هو أقرب منه ، والجدات بالأم ، وولد الابن بالابن ، وولد الأبوين بثلاثة : بالابن وابنه والأب ، ويسقط ولد الأب بهؤلاء الثلاثة وبالأخ من الأبوين ، ويسقط ولد الأم بأربعة بالولد ذكرا كان أو أنثى ، وولد الابن والأب والجد .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          في الحجب

                                                                                                                          الحجب مأخوذ من الحجاب ، وهو المنع من الميراث بوجود وارث أقرب منه يمنعه من كل الميراث أو بعضه ، ومنه سمي حاجب السلطان ; لأنه يمنع من أراد الدخول إليه ، وهو ضربان : حجب نقصان ، كحجب الزوج من النصف إلى الربع بالولد ، [ ص: 143 ] والزوجة من الربع إلى الثمن به ، والأم من الثلث إلى السدس ، وحجب حرمان ، وهو أن يسقط الشخص غيره بالكلية ، وهو المراد هنا ( يسقط الجد بالأب ) حكاه ابن المنذر إجماع الصحابة ومن بعدهم ; لأنه يدلي به ، ومن أدلى بشخص لا يرث مع وجوده إلا ولد الأم ( وكل جد ) يسقط ( بمن هو أقرب منه ) لأنه يدلي به ، فهو كإسقاط الجد بالأب ( والجدات بالأم ) سواء كن من جهة الأب أو الأم ، بلا خلاف ، حكاه ابن المنذر والماوردي ; لأن الجدات يرثن بالولادة ، فكانت الأم أولى منهن ; لمباشرتها الولادة ( وولد الابن بالابن ) بالإجماع لقربه ; لأنه إن كان أبا ، فهو يدلي به ، فسقط به كما يسقط الأب الجد ، وإن كان عمه ، فهو أقرب منه ، فيسقط به ; لقوله عليه السلام : ألحقوا . . . . الخبر ( وولد الأبوين بثلاثة : بالابن وابنه والأب ) حكاه ابن المنذر إجماعا ; لأن الله تعالى جعل إرثهم في الكلالة ، وهي اسم لما عدا الولد والوالد .

                                                                                                                          ( ويسقط ولد الأب بهؤلاء الثلاثة ) لأنهم إذا حجبوا الشقيق ، فهو أولى ( وبالأخ من الأبوين ) لقوته بزيادة القرب ، وعن علي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية ، وأن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات ، يرث الرجل أخاه لأبيه وأمه ، دون أخيه لأبيه رواه أحمد ، والترمذي من رواية الحارث عن علي . وعن أحمد يسقط ولد الأبوين ، والأب بجد ، قال في الفروع : وهو أظهر ، واختاره شيخنا ، قال : وهو قول طائفة من أصحاب أحمد ، كأبي حفص البرمكي والآجري ، لكن نقل أبو طالب : ليس الجد أبا في قول زيد ، واحتج بقوله عليه السلام : أفرضكم زيد ، إسناده ثقات .

                                                                                                                          [ ص: 144 ] ( ويسقط ولد الأم بأربعة بالولد ذكرا كان أو أنثى ، وولد الابن ، والأب والجد ) لقوله تعالى وإن كان رجل يورث كلالة وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عنها ، فقال : أما سمعت الآية التي أنزلت في الصيف يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة وهي من لم يترك ولدا ولا والدا رواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة ، ثم قال : صحيح على شرط مسلم ، فدل على أنه إنما يرث عند عدمهما ، والجد أب ، وولد الابن ابن ، وقد روي عن ابن عباس في أبوين وأخوين لأم : للأم الثلث ، وللأخوين الثلث ، وقيل عنه : لهما ثلث الباقي ، وهذا بعيد جدا ، قاله في " المغني " و " الشرح " ، فإنه يسقط الإخوة كلهم بالجد ، فكيف يورثهم مع الأب .

                                                                                                                          فرع : من لا يرث لا يحجب ، نقل أبو الحارث في أخ مملوك ، وابن أخ حر : المال لابن أخيه ، روي عن عمر وعلي .

                                                                                                                          أصل : من الورثة من لا يسقط بحال ، وهو الزوجان ، والأبوان ، والابن ، والبنت ; لأنه لا حاجب لهم يمنعهم من الإرث ، والضابط في ذلك أن كل من لا يتوسط بينه وبين الميت لا يسقط إرثه بحال .




                                                                                                                          الخدمات العلمية