الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                    ( إن المتقين في جنات ونعيم ( 17 ) فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم ( 18 ) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ( 19 ) متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين ( 20 ) )

                                                                                                                                                                                                    يخبر تعالى عن حال السعداء فقال : ( إن المتقين في جنات ونعيم ) ، وذلك بضد ما أولئك فيه من العذاب والنكال .

                                                                                                                                                                                                    ( فاكهين بما آتاهم ربهم ) أي : يتفكهون بما آتاهم الله من النعيم ، من أصناف الملاذ ، من مآكل ومشارب وملابس ومساكن ومراكب وغير ذلك ، ( ووقاهم ربهم عذاب الجحيم ) أي : وقد نجاهم من عذاب النار ، وتلك نعمة مستقلة بذاتها على حدتها مع ما أضيف إليها من دخول الجنة التي فيها من السرور ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .

                                                                                                                                                                                                    وقوله : ( كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ) ، كقوله : ( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) [ الحاقة : 24 ] . أي هذا بذاك ، تفضلا منه وإحسانا .

                                                                                                                                                                                                    وقوله : ( متكئين على سرر مصفوفة ) قال الثوري ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : السرر في الحجال .

                                                                                                                                                                                                    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو اليمان ، حدثنا صفوان بن عمرو ; أنه سمع الهيثم بن [ ص: 432 ] مالك الطائي يقول : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الرجل ليتكئ المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول عنه ولا يمله ، يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه " .

                                                                                                                                                                                                    وحدثنا أبي ، حدثنا هدبة بن خالد ، عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت قال : بلغنا أن الرجل ليتكئ في الجنة سبعين سنة ، عنده من أزواجه وخدمه وما أعطاه الله من الكرامة والنعيم ، فإذا حانت منه نظرة فإذا أزواج له لم يكن رآهن قبل ذلك ، فيقلن : قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيبا .

                                                                                                                                                                                                    ومعنى ) مصفوفة ) أي : وجوه بعضهم إلى بعض ، كقوله : ( على سرر متقابلين ) [ الصافات : 44 ] . ( وزوجناهم بحور عين ) أي : وجعلناهم قرينات صالحات ، وزوجات حسانا من الحور العين .

                                                                                                                                                                                                    وقال مجاهد : ( وزوجناهم ) : أنكحناهم بحور عين ، وقد تقدم وصفهن في غير موضع بما أغنى عن إعادته .

                                                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية