الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب جامع أوصاف الإسلام

                                                                                                                38 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا ابن نمير ح وحدثنا قتيبة بن سعيد وإسحق بن إبراهيم جميعا عن جرير ح وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة كلهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك وفي حديث أبي أسامة غيرك قال قل آمنت بالله فاستقم

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه غيرك قال : قل آمنت بالله ثم استقم ) قال القاضي عياض - رحمه الله - : هذا من جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم - وهو مطابق لقوله تعالى : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا أي وحدوا الله ، وآمنوا به ، ثم استقاموا فلم يحيدوا عن التوحيد ، والتزموا طاعته سبحانه وتعالى إلى أن توفوا على ذلك . وعلى ما ذكرناه أكثر المفسرين من الصحابة فمن بعدهم وهو معنى الحديث إن شاء الله تعالى . هذا آخر كلام القاضي - رحمه الله - . وقال ابن عباس - رضي الله عنه - ما في قول الله تعالى : فاستقم كما أمرت ما نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جميع القرآن آية أشد ولا أشق عليه من هذه الآية ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه حين قالوا : قد أسرع إليك الشيب فقال : شيبتني هود وأخواتها قال الأستاذ أبو القاسم القشيري في رسالته : الاستقامة درجة بها كمال الأمور وتمامها ، وبوجودها حصول الخيرات ونظامها ، ومن لم يكن مستقيما في حالته ضاع سعيه وخاب جهده . قال : وقيل : الاستقامة لا يطيقها إلا الأكابر لأنها الخروج عن المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات ، والقيام بين يدي الله تعالى على حقيقة [ ص: 207 ] الصدق . ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - : استقيموا ولن تحصوا . وقال الواسطي الخصلة التي بها كملت المحاسن ، وبفقدها قبحت المحاسن . والله أعلم .

                                                                                                                ولم يرو مسلم - رحمه الله - في صحيحه لسفيان بن عبد الله الثقفي راوي هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا . وروى الترمذي هذا الحديث ، وزاد فيه : ( قلت : يا رسول الله ما أخوف ما أخاف علي ؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال : هذا ) والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية