الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب من قال في الخطبة بعد الثناء أما بعد رواه عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال محمود حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة قال أخبرتني فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت دخلت على عائشة رضي الله عنها والناس يصلون قلت ما شأن الناس فأشارت برأسها إلى السماء فقلت آية فأشارت برأسها أي نعم قالت فأطال رسول الله صلى الله عليه وسلم جدا حتى تجلاني الغشي وإلى جنبي قربة فيها ماء ففتحتها فجعلت أصب منها على رأسي فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس فخطب الناس وحمد الله بما هو أهله ثم قال أما بعد قالت ولغط نسوة من الأنصار فانكفأت إليهن لأسكتهن فقلت لعائشة ما قال قالت قال ما من شيء لم أكن أريته إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار وإنه قد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريب من فتنة المسيح الدجال يؤتى أحدكم فيقال له ما علمك بهذا الرجل فأما المؤمن أو قال الموقن شك هشام فيقول هو رسول الله هو محمد صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات والهدى فآمنا وأجبنا واتبعنا وصدقنا فيقال له نم صالحا قد كنا نعلم إن كنت لتؤمن به وأما المنافق أو قال المرتاب شك هشام فيقال له ما علمك بهذا الرجل فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلت قال هشام فلقد قالت لي فاطمة فأوعيته غير أنها ذكرت ما يغلظ عليه

                                                                                                                                                                                                        881 حدثنا محمد بن معمر قال حدثنا أبو عاصم عن جرير بن حازم قال سمعت الحسن يقول حدثنا عمرو بن تغلب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بمال أو سبي فقسمه فأعطى رجالا وترك رجالا فبلغه أن الذين ترك عتبوا فحمد الله ثم أثنى عليه ثم قال أما بعد فوالله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل والذي أدع أحب إلي من الذي أعطي ولكن أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع وأكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير فيهم عمرو بن تغلب فوالله ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم تابعه يونس [ ص: 469 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 469 ] قوله : ( باب من قال في الخطبة بعد الثناء : أما بعد ) قال الزين بن المنير : يحتمل أن تكون " من " موصولة بمعنى الذي والمراد به النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في أخبار الباب ، ويحتمل أن تكون شرطية [ ص: 470 ] والجواب محذوف والتقدير فقد أصاب السنة ، وعلى التقديرين فينبغي للخطباء أن يستعملوها تأسيا واتباعا ا هـ ملخصا . ولم يجد البخاري في صفة خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة حديثا على شرطه ، فاقتصر على ذكر الثناء ، واللفظ الذي وضع للفصل بينه وبين ما بعده من موعظة ونحوها . قال سيبويه : أما بعد معناها مهما يكن من شيء بعد . وقال أبو إسحاق هو الزجاج : إذا كان الرجل في حديث فأراد أن يأتي بغيره قال أما بعد ، وهو مبني على الضم لأنه من الظروف المقطوعة عن الإضافة ، وقيل : التقدير أما الثناء على الله فهو كذا ، وأما بعد فكذا . ولا يلزم في قسمه أن يصرح بلفظ ، بل يكفي ما يقوم مقامه . واختلف في أول من قالها ، فقيل داود - عليه السلام - رواه الطبراني مرفوعا من حديث أبي موسى الأشعري وفي إسناده ضعف ، وروى عبد بن حميد والطبراني عن الشعبي موقوفا أنها فصل الخطاب الذي أعطيه داود ، وأخرجه سعيد بن منصور من طريق الشعبي فزاد فيه عن زياد بن سمية . وقيل : أول من قالها يعقوب رواه الدارقطني بسند رواه في غرائب مالك . وقيل : أول من قالها يعرب بن قحطان ، وقيل كعب بن لؤي أخرجه القاضي أبو أحمد الغساني من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بسند ضعيف ، وقيل سحبان بن وائل ، وقيل قس بن ساعدة ، والأول أشبه ، ويجمع بينه وبين غيره بأنه بالنسبة إلى الأولية المحضة ، والبقية بالنسبة إلى العرب خاصة ، ثم يجمع بينها بالنسبة إلى القبائل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( رواه عكرمة عن ابن عباس ) سيأتي موصولا آخر الباب . ثم أورد في الباب أيضا ستة أحاديث ظاهرة المناسبة لما ترجم له : أولها حديث أسماء بنت أبي بكر في كسوف الشمس ، وفيه فحمد الله بما هو أهله ثم قال : أما بعد ، ثم ذكر قصة فتنة القبر ، وسيأتي الكلام عليه في الكسوف ، وذكره هنا عن محمود وهو ابن غيلان أحد شيوخه بصيغة " قال محمود " وكلام أبي نعيم في المستخرج يشعر بأنه قال " حدثنا محمود " . ثانيها حديث عمرو بن تغلب - وهو بفتح المثناة وسكون المعجمة وكسر اللام بعدها موحدة - وفيه فحمد الله ثم أثنى عليه ثم قال : أما بعد ، وسيأتي الكلام عليه في كتاب الخمس ، ووقع هنا في بعض النسخ " تابعه يونس " وهو ابن عبيد . وقد وصله أبو نعيم في مسند يونس بن عبيد له بإسناده عنه عن الحسن عن عمرو . ثالثها حديث عائشة في قصة صلاة الليل وفيه فتشهد ثم قال أما بعد وسيأتي الكلام عليه في أبواب التطوع .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية