الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                    ( فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير ( 15 ) )

                                                                                                                                                                                                    اشتملت هذه الآية الكريمة على عشر كلمات مستقلات ، كل منها منفصلة عن التي قبلها ، [ لها ] حكم برأسه - قالوا : ولا نظير لها سوى آية الكرسي ، فإنها أيضا عشرة فصول كهذه .

                                                                                                                                                                                                    قوله ( فلذلك فادع ) أي : فللذي أوحينا إليك من الدين الذي وصينا به جميع المرسلين قبلك أصحاب الشرائع الكبار المتبعة كأولي العزم وغيرهم ، فادع الناس إليه .

                                                                                                                                                                                                    وقوله : ( واستقم كما أمرت ) أي : واستقم أنت ومن اتبعك على عبادة الله ، كما أمركم الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                    وقوله : ( ولا تتبع أهواءهم ) يعني : المشركين فيما اختلقوه ، وكذبوه وافتروه من عبادة الأوثان .

                                                                                                                                                                                                    وقوله : ( وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب ) أي : صدقت بجميع الكتب المنزلة من السماء على [ ص: 196 ] الأنبياء لا نفرق بين أحد منهم .

                                                                                                                                                                                                    وقوله : ( وأمرت لأعدل بينكم ) أي : في الحكم كما أمرني الله .

                                                                                                                                                                                                    وقوله : ( الله ربنا وربكم ) أي : هو المعبود ، لا إله غيره ، فنحن نقر بذلك اختيارا ، وأنتم وإن لم تفعلوه اختيارا ، فله يسجد من في العالمين طوعا واختيارا .

                                                                                                                                                                                                    وقوله : ( لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) أي : نحن برآء منكم ، كما قال تعالى : ( وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ) [ يونس : 41 ] .

                                                                                                                                                                                                    وقوله : ( لا حجة بيننا وبينكم ) قال مجاهد : أي لا خصومة . قال السدي : وذلك قبل نزول آية السيف . وهذا متجه لأن هذه الآية مكية ، وآية السيف بعد الهجرة .

                                                                                                                                                                                                    وقوله : ( الله يجمع بيننا ) أي : يوم القيامة ، كقوله : ( قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم ) [ سبأ : 26 ] .

                                                                                                                                                                                                    وقوله : ( وإليه المصير ) أي : المرجع والمآب يوم الحساب .

                                                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية