الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 432 ] ثم دخلت سنة تسع وسبعين وثلاثمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها كانت وفاة شرف الدولة بن عضد الدولة بن بويه الديلمي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ، وكان قد انتقل إلى قصر معز الدولة عن إشارة الأطباء لصحة الهواء ; وذلك لشدة ما كان يجده من الداء ، فلما كان في جمادى الأولى تزايد به ، ومات في هذا الشهر ، وقد عهد إلى ابنه أبي نصر ، وجاء الخليفة في طيار لتعزية أبي نصر في والده شرف الدولة ، فتلقاه أبو نصر والترك والديلم بين يديه ، فقبل الأرض بين يدي الخليفة ، وكذلك بقية العسكر ، والخليفة في الطيار ، وهم يقبلون الأرض إلى ناحيته ، وجاء الرئيس أبو الحسين علي بن عبد العزيز من عند الخليفة إلى أبي نصر ، فبلغه تعزية الخليفة له ، فقبل الأرض ثانية ، وعاد الرسول أيضا إلى الخليفة ، فبلغه شكر أبي نصر ، ثم عاد من جهة الخليفة لتوديع أبي نصر ، فقبل الأرض ثالثا ، ورجع الخليفة في طياره إلى داره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فلما كان يوم السبت عاشر هذا الشهر ، ركب الأمير أبو نصر إلى حضرة الخليفة الطائع لله ومعه الأشراف والأعيان والقضاة والأمراء ، وجلس الخليفة في الرواق ، فلما وصل الأمير أبو نصر بن شرف الدولة بن عضد الدولة بن ركن [ ص: 433 ] الدولة بن بويه ، خلع عليه الخليفة سبع خلع ، أعلاهن السواد وعمامة سوداء ، وفي عنقه طوق ، وفي يده سواران ، ومشى الحجاب بين يديه بالسيوف والمناطق ، فلما حصل بين يدي الخليفة قبل الأرض ، فأومأ إليه بالجلوس ، فقبل الأرض ثانية ، ووضع له كرسي فجلس عليه ، وقرأ الرئيس أبو الحسن علي بن عبد العزيز عهده ، وقدم إلى الطائع لواءه ، فعقده بيده ، ولقبه بهاء الدولة وضياء الملة ، ثم خرج من بين يديه ، والعسكر معه حتى عاد إلى دار المملكة ، وأقر الوزير أبا منصور بن صالحان على الوزارة ، وخلع عليه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة بني جامع القطيعة - قطيعة أم جعفر - بالجانب الغربي من بغداد وكان أصل بنائه مسجدا أن امرأة رأت في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك المكان يصلي ، ووضع يده في جدار هناك ، فلما أصبحت ، تذكرت ذلك المنام ، فوجدوا أثر الكف في ذلك الموضع ، فبني مسجدا ، ثم توفيت تلك المرأة في ذلك اليوم ، ثم إن الشريف أبا أحمد الموسوي جدد هذا المسجد ، فوسعه وجعله جامعا ، واستأذن الخليفة الطائع لله في عقد جمعة فيه ، فأذن له ، وصلى بالناس فيه في هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية