الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الأنصاري ( ع )

                                                                                      الإمام العلامة المحدث ، الثقة ، قاضي البصرة ، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك ، الأنصاري الخزرجي ، ثم النجاري البصري .

                                                                                      سمعه محمد بن المثنى العنزي يقول : ولدت سنة ثماني عشرة ومائة . [ ص: 533 ]

                                                                                      وطلب العلم وهو شاب .

                                                                                      فحدث عن سليمان التيمي ، وحميد الطويل ، وسعيد الجريري ، وابن عون ، وأشعث بن عبد الملك الحمراني ، وأشعث بن عبد الله الحداني ، وحبيب بن الشهيد ، وأبيه عبد الله بن المثنى ، وابن جريج ، وإسماعيل بن مسلم المكي ، وقرة بن خالد ، وهشام بن حسان ، ومحمد بن عمرو بن علقمة ، وسعيد بن أبي عروبة ، وأبي خلدة خالد بن دينار ، وحجاج بن أبي عثمان الصواف ، وعبيد الله بن الأخنس ، وعيينة بن عبد الرحمن بن جوشن ، وشعبة ، وهمام ، والمسعودي وخلق ، وينزل إلى زفر الفقيه ، وسعد بن الصلت القاضي .

                                                                                      حدث عنه أبو الوليد الطيالسي ، وأحمد ، وابن معين ، وبندار ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وأحمد بن الأزهر ، والزعفراني ، والفلاس ، وعلي بن المديني ، وقتيبة ، ومحمد بن المثنى ، ومحمد بن يحيى ، ويحيى بن جعفر البيكندي ، وأبو قلابة ، ومحمد بن أحمد بن أبي الخناجر ، وأبو حاتم ، ومحمد بن عبد الله بن جعفر الأنصاري الصغير ، وأبو عمير عبد الكبير ولده ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي ، وإسماعيل سمويه ، وعبد الله بن محمد بن أبي قريش ، ومحمد بن إسماعيل الترمذي ، وعبد العزيز بن معاوية ، وخلق كثير ، خاتمهم أبو مسلم الكجي .

                                                                                      روى الأحوص بن المفضل ، عن يحيى بن معين : ثقة .

                                                                                      وقال أبو حاتم : صدوق وقال أيضا : لم أر من الأئمة إلا [ ص: 534 ] ثلاثة : أحمد بن حنبل ، وسليمان بن داود الهاشمي ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري .

                                                                                      وقال النسائي : ليس به بأس .

                                                                                      وأما أبو داود ، فقال : تغير تغيرا شديدا .

                                                                                      وقال زكريا الساجي : هو رجل جليل عالم ، لم يكن عندهم من فرسان الحديث مثل يحيى القطان ، ونظرائه ، غلب عليه الرأي .

                                                                                      وعن ابن معين قال : كان يليق به القضاء ، قيل : يا أبا زكريا ، فالحديث ؟ فقال :

                                                                                      إن للحرب أقواما لها خلقوا وللدواوين كتاب وحساب



                                                                                      وقال أبو خيثمة : أنكر يحيى بن سعيد حديث الأنصاري عن حبيب بن الشهيد ، عن ميمون ، عن ابن عباس : احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم صائم وقيل : وهم فيه الأنصاري ، رواه سفيان بن [ ص: 535 ] حبيب ، عن حبيب ، عن ميمون بن مهران ، عن يزيد بن الأصم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة ، وهو محرم لكن قد روى الأنصاري حديث يزيد بن الأصم هكذا .

                                                                                      وقال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يقول : ما كان يضع الأنصاري عند أصحاب الحديث إلا النظر في الرأي ، وأما السماع فقد سمع ، ثم ذكر الحديث المذكور بضعفه ، وقال : ذهبت للأنصاري كتب ، فكان بعد يحدث من كتب غلامه أبي حكيم . [ ص: 536 ]

                                                                                      وقال الفسوي سئل ابن المديني عن الحديث المذكور ، فقال ليس من ذا شيء ، إنما أراد حديث يزيد بن الأصم .

                                                                                      الرامهرمزي
                                                                                      : حدثني عبد الله بن محمد بن أبان الخياط ، من أهل رامهرمز ، حدثنا القاسم بن نصر المخرمي ، حدثنا سليمان بن داود المنقري ، قال : وجه المأمون إلى الأنصاري خمسين ألف درهم ، يقسمها بين الفقهاء بالبصرة ، فكان هلال بن مسلم يتكلم عن أصحابه ، قال الأنصاري : وكنت أتكلم عن أصحابي ، فقال هلال : هي لنا ، وقلت : بل هي لي ولأصحابي ، فاختلفنا ، فقلت لهلال : كيف تتشهد ؟ فقال : أومثلي يسأل عن التشهد ؟ فتشهد على حديث ابن مسعود ، فقال : من حدثك به ، ومن أين ثبت عندك ؟ فبقي هلال ، ولم يجبه ، فقال الأنصاري : تصلي كل يوم ، وتردد هذا الكلام ، وأنت لا تدري من رواه عن نبيك ؟ باعد الله بينك وبين الفقه ، فقسمها الأنصاري في أصحابه .

                                                                                      البيان في صحة ذلك : فإن المنقري واه . وكان الأنصاري قد أخذ الفقه عن عثمان البتي ، وسوار بن عبد الله ، وعبيد الله بن الحسن العنبري ، وولي قضاء البصرة زمن الرشيد بعد معاذ بن معاذ ، ثم قدم بغداد ، وولي بها القضاء ، ثم رجع ، فعن ابن قتيبة أن الرشيد قلده القضاء بالجانب الشرقي ، بعد العوفي ، فلما ولي الأمين ، عزله ، واستعمله على المظالم ، بعد ابن علية .

                                                                                      [ ص: 537 ] قال ابن مثنى : سمعت الأنصاري : كان يأتي علي قبل اليوم عشرة أيام ، لا أشرب الماء ، واليوم أشرب كل يومين ، وما أتيت سلطانا قط إلا وأنا كاره .

                                                                                      وقيل : تفقه بزفر وبأبي يوسف ، فالله أعلم .

                                                                                      قال ابن سعد وغيره : مات الأنصاري بالبصرة في رجب سنة خمس عشرة ومائتين .

                                                                                      قلت : عاش سبعا وتسعين سنة ، وكان أسند أهل زمانه ، وله جزء مشهور من العوالي تفرد به التاج الكندي ، وجزء آخر من رواية أبي حاتم الرازي عنه ، سمعناه من طريق السلفي ، وجزء رواه عنه أبو حاتم المهلب بن محمد بن المهلب المهلبي ، ويقع حديثه عاليا في " الغيلانيات " وما في شيوخ البخاري أحد أكبر منه ، ولا أعلى رواية ، بلى له عند البخاري نظراء ، منهم عبيد الله بن موسى ، وأبو عاصم ، ومكي بن إبراهيم ، رحمهم الله .

                                                                                      أخبرنا عبد الرحمن بن محمد وجماعة كتابة ، قالوا : أخبرنا عمر بن محمد ، أخبرنا هبة الله بن محمد ، أخبرنا محمد بن محمد بن غيلان ، أخبرنا أبو بكر الشافعي ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا الأنصاري ، حدثني سليمان التيمي ، أن أبا عاصم حدثهم عن أسامة بن زيد ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : قمت على باب الجنة ، فإذا عامة من [ ص: 538 ] يدخلها المساكين ، وقمت على باب النار ، فإذا عامة من يدخلها النساء .

                                                                                      أخرجه البخاري ومسلم من وجوه عن التيمي .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية