الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              438- عبد الرحمن بن محمد ، ويحيى بن سعيد القطان

              ومنهم الإمامان القرينان ، الحافظان على الناس السنن والبيان ، عبد الرحمن بن مهدي ، ويحيى بن سعيد القطان ، رضي الله تعالى عنهما .

              كانا للنسك كاتمين ، وبحقائق الدين عارفين ، ولصحاح السنن ناقدين ، ولأهل الزيغ متباغضين ، وللعباد والنساك متحابين ، ولمحمد بن يوسف عروس الزهاد متواخيين .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قال : سمعت أبا قدامة عبيد الله بن سعيد اليشكري قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : " ما كتبت عن سفيان الثوري عن الأعمش أحب إلي مما سمعت عن الأعمش " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا أحمد بن سعيد الدارمي ، قال : سمعت أبا الوليد هشام بن عبد الملك يقول : قلت ليحيى بن سعيد : " رأيت أحدا أحسن حديثا من شعبة ؟ قال : لا ، قلت : كم صحبته ؟ قال : عشرين سنة " .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا علي بن عبد الله المديني ، قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : " ما ينبغي في الحديث غير خصلة ، ينبغي لصاحب الحديث أن يكون بيتا لأحد ، ويكون يفهم ما يقال له ، وينصر الرجال ، ثم يتعاهد ذاك " .

              حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا محمد بن عثمان ، ثنا علي بن عبد الله ، قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : سمعت هشام بن عروة - أو قد بلغني عنه - أنه حدث عن عبد الرحمن بن القاسم بحديث ، فقال : مليء عن مليء " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت عبيد الله بن سعيد يقول : " أخاف أن يضيق على الناس تتبع الألفاظ ; لأن القرآن أعظم حرمة [ ص: 381 ] وسع أن يقرأ على وجوه إذا كان المعنى واحدا " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت عبيد الله بن سعيد يقول : سمعت يحيى بن سعيد أبا سعيد يقول : " كان من أدركت من الأئمة يقولون : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص " .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا علي بن عبد الله ، قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : " القدر والعلم والكتاب عندنا واحد " .

              وسمعته - وسأله ابنه محمد - فقال : يا أبت ، المعاصي تقدر ؟ فقال : " المعاصي تقدر " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق قال : سمعت محمد بن عيسى بن السكن يقول : سمعت شاذي بن يحيى يقول : قال يحيى بن سعيد القطان : " من زعم أن " قل هو الله أحد " مخلوق ، فهو زنديق والله الذي لا إله إلا هو " .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا محمد بن عثمان ، ثنا علي بن عبد الله ، قال : " ذكرنا التيمي - يعني سليمان - عند يحيى بن سعيد ، فقال : ما جلست إلى رجل أخوف لله منه " .

              حدثنا محمد بن أحمد بن عثمان ، ثنا علي بن عبد الله ، قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : " مات موسى الصغير خلف المقام وهو ساجد ، قلت : شهدته ؟ قال : كنت بمكة فقالوا : مات وهو ساجد .

              حدثنا إسحاق بن أحمد ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت أحمد بن حنبل - ولقيته بحمص - يقول : " المثبت عندنا بالعراق ثلاثة : يحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ووكيع بن الجراح " .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن الحسن بن علي بن الحسن ، ثنا عمرو بن علي ، قال : " كان هجير يحيى بن سعيد إذا سكت ثم تكلم ( نحيي ونميت وإلينا المصير ) قال : فقلت ليحيى في مرضه الذي مات فيه : يعافيك الله إن شاء الله ، فقال : أحبه إلي أحبه إلى الله " .

              [ ص: 382 ] حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم ، ثنا عبد الرحمن بن عمر ، قال : سمعت علي بن عبد الله يقول : كنا عند يحيى بن سعيد ، فلما خرج من المسجد خرجنا معه ، فلما صار بباب داره قام وقمنا معه ، فانتهى إلينا الروبي ، فقال يحيى لما رآه : ادخلوا ، فدخلنا ، فقال للروبي : اقرأ واقرأ علي سورة على نحو معا ، فقرأ حم الدخان ، فلما أخذ في القراءة نظرت إلى يحيى بن سعيد يتغير حتى لما بلغ : ( إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين ) صعق يحيى ، وغشي عليه ، وارتفع صدره من الأرض فتقوس ، ورفع صدره ، وكان باب قريبا منه فانقلب فأصاب الباب ، فغار صدره ، وسال الدم ، فصرخ النساء ، وخرجنا إلى باب الدار ، ووقفنا بالباب حتى أفاق بعد كذا وكذا ، ثم دخلنا عليه فإذا هو نائم على فراشه وهو يقول : ( إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين ) قال علي : فما زالت به تلك القرحة حتى مات ، رحمة الله عليه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية