الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        تفسير سورة الحاقة

                                                                                                                                                                                                                                        وهي مكية

                                                                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية

                                                                                                                                                                                                                                        الحاقة من أسماء يوم القيامة، لأنها تحق وتنزل بالخلق، وتظهر فيها حقائق الأمور، ومخبآت الصدور، فعظم تعالى شأنها وفخمه، بما كرره من قوله: الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة فإن لها شأنا عظيما وهولا جسيما، ومن عظمتها أن الله أهلك الأمم المكذبة بها بالعذاب العاجل .

                                                                                                                                                                                                                                        ثم ذكر نموذجا من أحوالها الموجودة في الدنيا المشاهدة فيها، وهو ما أحله من العقوبات البليغة بالأمم العاتية فقال: كذبت ثمود وهم القبيلة المشهورة سكان الحجر الذين أرسل الله إليهم رسوله صالحا عليه السلام، ينهاهم عما هم عليه من الشرك، ويأمرهم بالتوحيد، فردوا دعوته وكذبوه وكذبوا ما [ ص: 1873 ] أخبر به من يوم القيامة، وهي القارعة التي تقرع الخلق بأهوالها، وكذلك عاد الأولى سكان حضرموت حين بعث الله إليهم رسوله هودا عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى عبادة الله وحده فكذبوه وكذبوا بما أخبر به من البعث فأهلك الله الطائفتين بالهلاك العاجل فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية وهي الصيحة العظيمة الفظيعة، التي قطعت قلوبهم وزهقت لها أرواحهم فأصبحوا موتى لا يرى إلا مساكنهم وجثثهم.

                                                                                                                                                                                                                                        وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر أي: قوية شديدة الهبوب لها صوت أبلغ من صوت الرعد القاصف عاتية أي: عتت على خزانها، على قول كثير من المفسرين، أو عتت على عاد وزادت على الحد كما هو الصحيح.

                                                                                                                                                                                                                                        سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما أي: نحسا وشرا فظيعا عليهم فدمرتهم وأهلكتهم، فترى القوم فيها صرعى أي: هلكى موتى كأنهم أعجاز نخل خاوية أي: كأنهم جذوع النخل التي قد قطعت رءوسها الخاوية الساقط بعضها على بعض.

                                                                                                                                                                                                                                        فهل ترى لهم من باقية وهذا استفهام بمعنى النفي المتقرر.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية