الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              419 - علي بن فضيل

              ومنهم الخائف الوجل ، الذائب النحل - علي بن فضيل بن عياض .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن علي بن المثنى ، ثنا عبد العزيز بن يزيد ، قال : قال الفضيل بن عياض : " بكى علي ابني يوما ، فقلت : يا بني ما لك ؟ قال : أخاف أن لا تجمعنا القيامة " .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن علي ، ثنا عبد الصمد بن يزيد ، قال : سمعت الفضيل ، يقول : " أشرفت ليلة على علي ، وهو في صحن الدار ، وهو يقول : النار ، ومتى الخلاص من النار " .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا أبو يعلى الموصلي ، ثنا عبد الصمد بن يزيد ، قال : سمعت إسماعيل الطوسي ، يقول : بينا نحن ذات يوم عند الفضيل مغشيا عليه ، فقال الفضيل : " شكر الله لك ما قد علمه منك " .

              قال : وسمعت إسماعيل الطوسي ، أو غيره ، قال : بينما نحن نصلي ذات يوم الغداة خلف الإمام ، ومعنا علي بن فضيل ، فقرأ الإمام : ( فيهن قاصرات الطرف ) فلما سلم الإمام ، قلت : يا علي ، أما سمعت ما قرأ الإمام ؟ قال : ما هو ؟ قلت : ( فيهن قاصرات الطرف ) [ ص: 298 ] و ( حور مقصورات في الخيام ) قال : " شغلني ما كان قبلها : ( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ) .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، ثنا سلمة بن عفان ، عن محمد بن الحسين ، قال : كان علي بن الفضيل يصلي حتى يزحف إلى فراشه ، ثم يلتفت إلى أبيه ، فيقول : " يا أبت سبقني المتعبدون " .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أحمد الدورقي ، قال : حدثني محمد بن شجاع أبو عبد الله ، عن سفيان بن عيينة ، قال : " ما رأيت أحدا أخوف من الفضيل وابنه " .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي ، ثنا محمد بن أبي عثمان ، قال : كان علي - يعني ابن الفضيل - عند سفيان بن عيينة ، يحدث سفيان بحديث فيه ذكر النار ، وفي يد علي قرطاس في شيء مربوط ، فشهق شهقة ، وقع ورمى بالقرطاس ، أو وقع من يده ، فالتفت إليه سفيان ، وقال : " لو علمت أنك هاهنا ما حدثت به " فما أفاق إلا بعد ما شاء الله .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني الجروي ، قال : سمعت محمد بن أبي عثمان ، عن فضيل بن عياض ، قال : قلت لعلي ، يعني ابنه : لو أعنتنا على دهرنا ؟ قال : فأخذ قفة ومضى إلى السوق ليحمل ، فأتاني رجل فأعلمني ، فمضيت إليه فرددته ، وقلت : يا بني لست أريد هذا ، أو لم أرد هذا كله .

              حدثنا أبو بكر ، ثنا عبد الله ، حدثني الجروي ، قال : سمعت محمد بن أبي عثمان ، عن فضيل ، أن عليا كان يحمل على أباعر كانت لفضيل ، فنقص الطعام الذي حمله ، فحبس عند المكارين ، فأتى الفضيل إليهم ، فقال : " أتفعلون هذا بعلي ؟ لقد كانت لنا شاة بالكوفة ، أكلت شيئا يسيرا من علف لبعض الأمراء أو الملوك أو من يشبههم ، فما شرب لها لبنا بعد ذلك ، قالوا : لا نعلم هذا يا أبا علي أنه ابنك " .

              حدثنا أبو بكر ، ثنا عبد الله ، حدثني الجروي ، حدثني محمد بن أبي عثمان ، عن فضيل بن عياض : " أنهم اشتروا شعيرا بدينار ، وكان ذلك في غلاء من [ ص: 299 ] الشعير ، فقالت أم علي للفضيل : قورته لكل إنسان قرصين ، فكان علي يأخذ واحدا ، ويتصدق بالآخر حتى كاد أن يصيبه الخواء ، أو أصابه بعض ذلك " .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا أبو يعلى الموصلي ، ثنا عبد الصمد بن يزيد ، قال : سمعت الفضيل بن عياض ، يقول : قال علي : " يا أبت ، سل الذي وهبني لك في الدنيا أن يهبني لك في الآخرة ، وقال لي علي : سل الذي جمعنا في الدنيا أن يجمعنا في الآخرة ، ثم بكى ، فلم يزل منكسر القلب حزينا ، ثم بكى ، فقال : حبيبي من كان يساعدني على الحزن والبكاء يا ثمرة قلبي ، شكر الله لك ما قد علمه فيك " .

              حدثنا عبد الرحمن بن العباس ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، ثنا ابن أبي زياد ، عن شهاب بن عباد ، قال : كانوا يعودون علي بن الفضيل وهو بمنى ، فقال : " لو ظننت أني أبقى إلى الظهر لشق علي " .

              حدثنا أحمد بن محمد بن موسى ، ثنا ابن المهتدي ، ثنا أحمد بن سعيد الأسيب ، حدثني أبي ، قال : سمعت الفضيل بن عياض ، يقول لابنه علي : " أمير المؤمنين قد أخلي له الطواف . . . . ثم جئ نغتنم الطواف ، فقال : يا أبت نغتنم خلوة الجور " .

              وقال الفضيل : " اللهم إني اجتهدت أن أؤدب عليا فلم أقدر ، فأدبته أنت لي " .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، حدثني محمد بن إدريس ، حدثني عمران بن موسى ، قال : قال علي بن فضيل : " ويحي من يوم أشد الأيام ، ثم قال : ولكم من قبيحة تكشفها القيامة غدا " .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عمر بن بحر ، قال : سمعت أحمد بن أبي الحواري ، يقول : سمعت أبا سليمان ، يقول : " كان علي بن فضيل لا يستطيع أن يقرأ القارعة ، ولا تقرأ عليه " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية