الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      عبد المجيد ( م ، 4 )

                                                                                      ابن الإمام عبد العزيز بن أبي رواد ، العالم القدوة الحافظ الصادق ، شيخ الحرم ، أبو عبد المجيد المكي ، مولى المهلب بن أبي صفرة .

                                                                                      حدث عن ابن جريج بكتبه ، وعن أبيه ، ومعمر بن راشد ، وأيمن بن نابل ، ومروان بن سالم ، وعثمان بن الأسود وجماعة .

                                                                                      حدث عنه أبو بكر الحميدي ، وأحمد بن حنبل ، ومحمد بن يحيى العدني ، وحاجب المنبجي ، وأحمد بن شيبان الرملي ، والزبير بن بكار ، وحسين بن عبد الله الرقي ، وخلق كثير .

                                                                                      وكان من المرجئة ، ومع هذا فوثقه أحمد ، ويحيى بن معين .

                                                                                      وقال أحمد : كان فيه غلو في الإرجاء ، يقول : هؤلاء الشكاك ، يريد قول العلماء : أنا مؤمن - إن شاء الله - . [ ص: 435 ]

                                                                                      قال يحيى بن معين : كان أعلم الناس بحديث ابن جريج ، ولم يكن يبذل نفسه للحديث ثم ذكر من نبله وهيئته ، وقال أيضا : كان صدوقا ما كان يرفع رأسه إلى السماء ، وكانوا يعظمونه . وقال عبد الله بن أيوب المخرمي : لو رأيت عبد المجيد ، لرأيت رجلا جليلا من عبادته .

                                                                                      وقال الحسين الرقي : حدثنا عبد المجيد ولم يرفع رأسه أربعين سنة إلى السماء . قال : وكان أبوه أعبد منه .

                                                                                      وقال أبو داود : كان عبد المجيد رأسا في الإرجاء .

                                                                                      وقال يعقوب بن سفيان : كان مبتدعا داعية .

                                                                                      قال سلمة بن شبيب : كنت عند عبد الرزاق فجاءنا موت عبد المجيد ، وذلك في سنة ست ومائتين . فقال : الحمد لله الذي أراح أمة محمد من عبد المجيد .

                                                                                      قال ابن عدي : عامة ما أنكر عليه الإرجاء .

                                                                                      وقال هارون بن عبد الله الحمال : ما رأيت أخشع لله من وكيع ، وكان عبد المجيد أخشع منه . [ ص: 436 ]

                                                                                      قلت : خشوع وكيع مع إمامته في السنة جعله مقدما ، بخلاف خشوع هذا المرجئ - عفا الله عنه - أعاذنا الله وإياكم من مخالفة السنة ، وقد كان على الإرجاء عدد كثير من علماء الأمة ، فهلا عد مذهبا ، وهو قولهم : أنا مؤمن حقا عند الله الساعة ، مع اعترافهم بأنهم لا يدرون بما يموت عليه المسلم من كفر أو إيمان ، وهذه قولة خفيفة ، وإنما الصعب من قول غلاة المرجئة : إن الإيمان هو الاعتقاد بالأفئدة ، وإن تارك الصلاة والزكاة ، وشارب الخمر ، وقاتل الأنفس ، والزاني ، وجميع هؤلاء يكونون مؤمنين كاملي الإيمان ، ولا يدخلون النار ، ولا يعذبون أبدا فردوا أحاديث الشفاعة المتواترة ، وجسروا كل فاسق وقاطع طريق على الموبقات ، نعوذ بالله من الخذلان .

                                                                                      وقد غلط أبو نعيم الحافظ ، وقال : مات عبد المجيد سنة سبع وتسعين ومائة والصواب وفاته سنة ست ومائتين . كما قال سلمة بن شبيب .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية