الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين [ ص: 344 ] المراد بالخرج والخراج هنا : الأجر والجزاء .

                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى : أنك لا تسألهم على ما بلغتهم من الرسالة المتضمنة لخيري الدنيا والآخرة ، أجرة ولا جعلا ، وأصل الخرج والخراج : هو ما تخرجه إلى كل عامل في مقابلة أجره ، أو جعل ، وهذه الآية الكريمة تتضمن أنه - صلى الله عليه وسلم - ، لا يسألهم أجرا ، في مقابلة تبليغ الرسالة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد أوضحنا الآيات القرآنية الدالة على أن الرسل لا يأخذون الأجرة على التبليغ في سورة هود ، في الكلام على قوله تعالى عن نوح : ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله الآية [ 11 \ 29 ] وبينا وجه الجمع بين تلك الآيات ، مع آية : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى [ 42 \ 23 ] وبينا هناك حكم أخذ الأجرة ، على تعليم القرآن وغيره ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا . وقرأ هذين الحرفين ابن عامر : خرجا فخرج ربك ، بإسكان الراء فيهما معا ، وحذف الألف فيهما ، وقرأ حمزة والكسائي : خراجا فخراج ربك بفتح الراء بعدها ألف فيهما معا ، وقرأ الباقون : خرجا فخراج ربك بإسكان الراء ، وحذف الألف في الأول ، وفتح الراء وإثبات الألف في الثاني ، والتحقيق : أن معنى الخرج والخراج واحد ، وأنهما لغتان فصيحتان وقراءتان سبعيتان ، خلافا لمن زعم أن بين معناهما فرقا زاعما أن الخرج ما تبرعت به ، والخراج : ما لزمك أداؤه .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى الآية : لا يساعد على هذا الفرق كما ترى ، والعلم عند الله تعالى ، وصيغة التفضيل في قوله : وهو خير الرازقين [ 23 \ 72 ] نظرا إلى أن بعض المخلوقين يرزق بعضهم كقوله تعالى : وارزقوهم فيها واكسوهم [ 4 \ 5 ] وقوله تعالى : وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن الآية [ 2 \ 233 ] ، ولا شك أن فضل رزق الله خلقه ، على رزق بعض خلقه بعضهم كفضل ذاته ، وسائر صفاته على ذوات خلقه ، وصفاتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية