الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أمر عامر بن ظرب بن عمرو بن عياذ بن يشكر بن عدوان

[ قضاؤه في خنثى ومشورة جاريته سخيلة ]

قال ابن إسحاق : وقوله حكم يقضي ، يعني عامر بن ظرب بن عمرو بن عياذ بن يشكر بن عدوان العدواني . وكانت العرب لا يكون بينها نائرة ولا عضلة في قضاء إلا أسندوا ذلك إليه ثم رضوا بما قضى فيه . فاختصم إليه في بعض ما كانوا يختلفون فيه ، في رجل خنثى ، له ما للرجل وله ما للمرأة ، فقالوا : أتجعله رجلا أو امرأة ؟ ولم يأتوه بأمر كان أعضل منه . فقال : حتى أنظر في أمركم ، فوالله ما نزل بي مثل هذه منكم يا معشر العرب فاستأخروا عنه . فبات ليلته ساهرا ، يقلب أمره ، وينظر في شأنه ، لا يتوجه له منه وجه . وكانت له جارية يقال لها سخيلة ترعى عليه غنمه ، وكان يعاتبها إذا سرحت فيقول : صبحت والله [ ص: 123 ] يا سخيل وإذا أراحت عليه قال : مسيت والله يا سخيل وذلك أنها كانت تؤخر السرح حتى يسبقها بعض الناس ، وتؤخر الإراحة حتى يسبقها بعض . فلما رأت سهره وقلة قراره على فراشه قالت : ما لك لا أبا لك ما عراك في ليلتك هذه ؟ قال : ويلك دعيني ، أمر ليس من شأنك ، ثم عادت له بمثل قولها . فقال في نفسه : عسى أن تأتي مما أنا فيه بفرج ؛ فقال : ويحك اختصم إلي في ميراث خنثى ، أأجعله رجلا أو امرأة ؟ فوالله ما أدري ما أصنع ، وما يتوجه لي فيه وجه . قال : فقالت : سبحان الله لا أبا لك أتبع القضاء المبال ، أقعده ، فإن بال من حيث يبول الرجل فهو رجل ، وإن بال من حيث تبول المرأة ، فهي امرأة . قال : مسي سخيل بعدها أو صبحي ، فرجتها والله . ثم خرج على الناس حين أصبح ، فقضى بالذي أشارت عليه به .

التالي السابق


الخدمات العلمية