الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                    ( قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا ( 18 ) أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا ( 19 ) ) .

                                                                                                                                                                                                    يخبر تعالى عن إحاطة علمه بالمعوقين لغيرهم عن شهود الحرب ، والقائلين لإخوانهم ، أي : أصحابهم وعشرائهم وخلطائهم ( هلم إلينا ) أي : إلى ما نحن فيه من الإقامة في الظلال والثمار ، وهم مع ذلك ( لا يأتون البأس إلا قليلا أشحة عليكم ) أي : بخلاء بالمودة ، والشفقة عليكم .

                                                                                                                                                                                                    وقال السدي : ( أشحة عليكم ) أي : في الغنائم .

                                                                                                                                                                                                    ( فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت ) أي : من شدة خوفه وجزعه ، وهكذا خوف هؤلاء الجبناء من القتال ( فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد ) أي : فإذا كان الأمن ، تكلموا كلاما بليغا فصيحا عاليا ، وادعوا لأنفسهم المقامات العالية في الشجاعة والنجدة ، وهم يكذبون في ذلك .

                                                                                                                                                                                                    وقال ابن عباس : ( سلقوكم ) أي : استقبلوكم .

                                                                                                                                                                                                    [ ص: 391 ] وقال قتادة : أما عند الغنيمة فأشح قوم ، وأسوأه مقاسمة : أعطونا ، أعطونا ، قد شهدنا معكم . وأما عند البأس فأجبن قوم ، وأخذله للحق .

                                                                                                                                                                                                    وهم مع ذلك أشحة على الخير ، أي : ليس فيهم خير ، قد جمعوا الجبن والكذب وقلة الخير ، فهم كما قال في أمثالهم الشاعر :


                                                                                                                                                                                                    أفي السلم أعيارا جفاء وغلظة وفي الحرب أمثال النساء العوارك



                                                                                                                                                                                                    أي : في حال المسالمة كأنهم الحمير . والأعيار : جمع عير ، وهو الحمار ، وفي الحرب كأنهم النساء الحيض; ولهذا قال تعالى : ( أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا ) أي : سهلا هينا عنده .

                                                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية