الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جمد ]

                                                          جمد : الجمد - بالتحريك - : الماء الجامد . الجوهري : الجمد - بالتسكين - ما جمد من الماء ، وهو نقيض الذوب ، وهو مصدر سمي به . والجمد - بالتحريك - جمع جامد مثل خادم وخدم ; يقال : قد كثر الجمد . ابن سيده : جمد الماء والدم وغيرهما من السيالات يجمد جمودا وجمدا أي : قام ، وكذلك الدم وغيره إذا يبس ، وقد جمد ، وماء جمد : جامد . وجمد الماء والعصارة : حاول أن يجمد . والجمد : الثلج . ولك جامد المال وذائبه أي : ما جمد منه وما ذاب ; وقيل : أي : صامته وناطقه ، وقيل : حجره وشجره . ومخة جامدة أي : صلبة . ورجل جامد العين : قليل الدمع . الكسائي : ظلت العين جمادى أي : جامدة لا تدمع ; وأنشد :


                                                          من يطعم النوم أو يبت جذلا فالعين مني للهم لم تنم     ترعى جمادى النهار خاشعة
                                                          والليل منها بواذق سجم



                                                          أي ترعى النهار جامدة فإذا جاء الليل بكت . وعين جمود : لا دمع لها . والجماديان : اسمان معرفة لشهرين ، إذا أضفت قلت : شهر جمادى ، وشهرا جمادى . وروي عن أبي الهيثم : جمادى ستة ، هي جمادى الآخرة ، وهي تمام ستة أشهر من أول السنة ، ورجب هو السابع ، وجمادى خمسة هي جمادى الأولى ، وهي الخامسة من أول شهور السنة ; قال لبيد :


                                                          حتى إذا سلخا جمادى ستة



                                                          هي جمادى الآخرة . أبو سعيد : الشتاء عند العرب جمادى لجمود الماء فيه ; وأنشد للطرماح :


                                                          ليلة هاجت جمادية     ذات صر جربياء النسام



                                                          أي : ليلة شتوية . الجوهري : جمادى الأولى وجمادى الآخرة - بفتح الدال فيهما - من أسماء الشهور ، وهو فعالى من الجمد . ابن سيده : وجمادى من أسماء الشهور معرفة سميت بذلك لجمود الماء فيها عند تسمية الشهور ; وقال أبو حنيفة : جمادى عند العرب الشتاء كله . في جمادى كان الشتاء أو في غيرها أولا ترى أن جمادى بين يدي شعبان ، وهو مأخوذ من التشتت والتفرق ; لأنه في قبل الصيف ؟ قال : وفيه التصدع عن المبادي والرجوع إلى المخاض . قال الفراء : الشهور كلها مذكرة إلا جماديين فإنهما مؤنثان ; قال بعض الأنصار :


                                                          إذا جمادى منعت قطرها     زان جنابي عطن مغضف



                                                          يعني نخلا . يقول : إذا لم يكن المطر الذي به العشب يزين مواضع الناس فجناني تزين بالنخل ; قال الفراء : فإن سمعت تذكير جمادى فإنما يذهب به إلى الشهر ، والجمع جماديات على القياس ، قال : ولو قيل جماد لكان قياسا . وشاة جماد : لا لبن فيها . وناقة جماد ، كذلك لا لبن فيها ; وقيل : هي أيضا البطيئة ; قال ابن سيده : ولا يعجبني . التهذيب : الجماد البكيئة ، وهي القليلة اللبن ، وذلك من يبوستها ، جمدت تجمد جمودا . والجماد : الناقة التي لا لبن بها . وسنة جماد : لا مطر فيها ; قال الشاعر :


                                                          وفي السنة الجماد يكون غيثا     إذا لم تعط درتها العصوب



                                                          التهذيب : سنة جامدة لا كلأ فيها ولا خصب ولا مطر . وناقة جماد : لا لبن لها . والجماد - بالفتح - : الأرض التي لم يصبها مطر . وأرض جماد : لم تمطر ; وقيل : هي الغليظة . التهذيب : أرض جماد يابسة لم يصبها مطر ولا شيء فيها ; قال لبيد :


                                                          أمرعت في نداه إذ قحط القط     ر فأمسى جمادها ممطورا



                                                          ابن سيده : الجمد والجمد والجمد ما ارتفع من الأرض ، والجمع أجماد وجماد مثل رمح وأرماح ورماح . والجمد والجمد مثل عسر وعسر : مكان صلب مرتفع ; قال امرؤ القيس :


                                                          كأن الصوار إذ يجاهدن غدوة     على جمد خيل تجول بأجلال



                                                          ورجل جماد الكف : بخيل ، وقد جمد يجمد : بخل ، ومنه حديث محمد بن عمران التيمي : إنا والله ما نجمد عند الحق ولا نتدفق عند الباطل ، حكاه ابن الأعرابي . وهو جامد إذا بخل بما يلزمه من الحق . [ ص: 192 ] والجامد : البخيل ، وقال المتلمس :


                                                          جماد لها جماد ولا تقولن     لها أبدا إذا ذكرت حماد



                                                          ويروى ولا تقولي . ويقال للبخيل : جماد له أي : لا زال جامد الحال ، وإنما بني على الكسر ; لأنه معدول عن المصدر أي : الجمود كقولهم فجار أي : الفجرة ، وهو نقيض قولهم حماد ، بالحاء في المدح ; وأنشد بيت المتلمس ، وقال : معناه أي قولي لها جمودا ، ولا تقولي لها : حمدا وشكرا ; وفي نسخة من التهذيب :


                                                          حماد لها حماد ولا تقولي     طوال الدهر ما ذكرت جماد



                                                          وفسر فقال : احمدها ولا تذمها . والمجمد : البرم وربما أفاض بالقداح لأجل الإيسار . قال ابن سيده : والمجمد البخيل المتشدد ، وقيل : هو الذي لا يدخل في الميسر ولكنه يدخل بين أهل الميسر ، فيضرب بالقداح وتوضع على يديه ويؤتمن عليها فيلزم الحق من وجب عليه ولزمه ; وقيل : هو الذي لم يفز قدحه في الميسر ; قال طرفة بن العبد في المجمد يصف قدحا :


                                                          وأصفر مضبوح نظرت حويره     على النار واستودعته كف مجمد



                                                          قال ابن بري : ويروى هذا البيت لعدي بن زيد ; قال وهو الصحيح ، وأراد بالأصفر سهما . والمضبوح : الذي غيرته النار . وحويره : رجوعه ; يقول : انتظرت صوته على النار حتى قومته وأعلمته ، فهو كالمحاورة منه ، وكان الأصمعي يقول : هو الداخل في جمادى ، وكان جمادى في ذلك الوقت شهر برد . وقال ابن الأعرابي : سمي الذي يدخل بين أهل الميسر ويضرب بالقداح ويؤتمن عليها مجمدا ; لأنه يلزم الحق صاحبه ; وقيل : لأنه يلزم القداح ; وقيل : المجمد هنا الأمين : التهذيب : أجمد يجمد إجمادا فهو مجمد إذا كان أمينا بين القوم . أبو عبيد : رجل مجمد أمين مع شح لا يخدع . وقال خالد : رجل مجمد بخيل شحيح ; وقال أبو عمرو في تفسير بيت طرفة : استودعت هذا القدح رجلا يأخذه بكلتا يديه فلا يخرج من يديه شيء . وأجمد القوم : قل خيرهم وبخلوا . والجماد : ضرب من الثياب ; قال أبو داود :


                                                          عبق الكباء بهن كل عشية     وعمرن ما يلبسن غير جماد



                                                          ابن الأعرابي : الجوامد الأرف ، وهي الحدود بين الأرضين ، واحدها جامد والجامد : الحد بين الدارين ، وجمعه جوامد . وفلان مجامدي إذا كان جارك بيت بيت ، وكذلك مصاقبي وموارفي ومتاخمي . وفي الحديث : إذا وقعت الجوامد فلا شفعة ، هي الحدود . الفراء : الجماد الحجارة ، واحدها جمد . أبو عمرو : سيف جماد صارم ; وأنشد :


                                                          والله لو كنتم بأعلى تلعة     من رأس قنفذ ورءوس صماد
                                                          لسمعتم من حر وقع سيوفنا     ضربا بكل مهند جماد



                                                          والجمد : مكان حزن ; وقال الأصمعي : هو المكان المرتفع الغليظ ; وقال ابن شميل : الجمد قارة ليست بطويلة في السماء ، وهي غليظة تغلظ مرة وتلين أخرى ، تنبت الشجر ولا تكون إلا في أرض غليظة ، سميت جمدا من جمودها أي : من يبسها . والجمد : أصغر الآكام يكون مستديرا صغيرا ، والقارة مستديرة طويلة في السماء ولا ينقادان في الأرض وكلاهما غليظ الرأس ويسميان جميعا أكمة . قال : وجماعة الجمد جماد ينبت البقل والشجر ; قال : وأما الجمود فأسهل من الجمد وأشد مخالطة للسهول ، ويكون الجمود في ناحية القف وناحية السهول ، وتجمع الجمد أجمادا أيضا ; قال لبيد :


                                                          فأجماد ذي رند فأكناف ثادق

                                                          والجمد : جبل مثل به سيبويه وفسره السيرافي ; قال أمية بن أبي الصلت :


                                                          سبحانه ثم سبحانا يعود له     وقبلنا سبح الجودي والجمد



                                                          والجمد - بضم الجيم والميم وفتحهما - : جبل معروف ; ونسب ابن الأثير عجز هذا البيت لورقة بن نوفل . ودارة الجمد : موضع ; عن كراع . وجمدان : موضع بين قديد وعسفان ; قال حسان :


                                                          لقد أتى عن بني الجرباء قولهم     ودونهم دف جمدان فموضوع



                                                          وفي الحديث ذكر جمدان - بضم الجيم وسكون الميم - وفي آخره نون : جبل على ليلة من المدينة مر عليه سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : هذا جمدان سبق المفردون .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية