الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ تولي قصي أمر البيت ونصرة رزاح له ]

فرأى قصي أنه أولى بالكعبة ، وبأمر مكة من خزاعة وبني بكر ، وأن قريشا قرعة إسماعيل بن إبراهيم وصريح ولده . فكلم رجالا من قريش ، وبني كنانة ، [ ص: 118 ] ودعاهم إلى إخراج خزاعة وبني بكر من مكة ، فأجابوه . وكان ربيعة بن حرام من عذرة بن سعد بن زيد قد قدم مكة بعد هلك كلاب ، فتزوج فاطمة بنت سعد بن سيل ، وزهرة يومئذ رجل ، وقصي فطيم ، فاحتملها إلى بلاده ، فحملت قصيا معها ، وأقام زهرة ، فولدت لربيعة رزاحا . فلما بلغ قصي وصار رجلا أتى مكة ، فأقام بها ، فلما أجابه قومه إلى ما دعاهم إليه ، كتب إلى أخيه من أمه ، رزاح بن ربيعة ، يدعوه إلى نصرته ، والقيام معه . فخرج رزاح بن ربيعة ومعه إخوته : حن بن ربيعة ، ومحمود بن ربيعة ، وجلهمة بن ربيعة ، وهم لغير فاطمة ، فيمن تبعهم من قضاعة في حاج العرب ، وهم مجمعون لنصرة قصي .

وخزاعة تزعم أن حليل بن حبشية أوصى بذلك ، قصيا وأمره به حين انتشر له من ابنته من الولد ما انتشر . وقال : أنت أولى بالكعبة ، وبالقيام عليها ، وبأمر مكة من خزاعة ، فعند ذلك طلب قصي ما طلب . ولم نسمع ذلك من غيرهم ، فالله أعلم أي ذلك كان .

[ ص: 119 ] ما كان يليه الغوث بن مر من الإجازة للناس بالحج

وكان الغوث بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر يلي الإجازة للناس بالحج من عرفة ، وولده من بعده ، وكان يقال له ولولده صوفة . وإنما ولي ذلك الغوث بن مر ، لأن أمه كانت امرأة من جرهم ، وكانت لا تلد ، فنذرت لله إن هي ولدت رجلا أن تصدق به على الكعبة عبدا لها يخدمها ، ويقوم عليها . فولدت الغوث ، فكان يقوم على الكعبة في الدهر الأول مع أخواله من جرهم ، فولي الإجازة بالناس من عرفة ، لمكانه الذي كان به من الكعبة ، وولده من بعده حتى انقرضوا . فقال مر بن أد لوفاء نذر أمه :

:


إني جعلت رب من بييه ربيطة بمكة العليه     فباركن لي بها أليه
واجعله لي من صالح البريه

وكان الغوث بن مر - فيما زعموا - إذا دفع بالناس قال :

:


لاهم إني تابع تباعه     إن كان إثم فعلى قضاعه

قال ابن إسحاق : حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه ( عباد ) . قال :

التالي السابق


الخدمات العلمية