الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء


              حدثنا إسحاق بن أحمد بن علي ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت وكيعا ، يقول : سمعت سفيان ، يقول : لا تجيبوا دعوة إلا دعوة من ترون أن قلوبكم تصلح على طعامه .

              حدثنا إسحاق بن أحمد ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، ثنا أخي محمد ، قال : مر شيخ من الكوفيين كان كاتبا لسفيان الثوري ، فقال له سفيان : يا شيخ ولي فلان ، فكتبت له ، ثم عزل وولي فلان ، فكتبت له ، ثم عزل وولي فلان ، فكتبت له ، وأنت يوم القيامة أسوأهم حالا ، يدعى بالأول ، فيسأل ، ويدعى بك ، فتسأل معه عما جرى على يدك له ، ثم يذهب ، وتوقف أنت حتى يدعى بالآخر ، فيسأل وتسأل أنت عما جرى على يدك له ، ثم يذهب وتوقف أنت حتى يدعى بالآخر ، فأنت يوم القيامة أسوأهم حالا ، قال : فقال الشيخ : فكيف أصنع يا أبا عبد الله بعيالي ؟ فقال سفيان : اسمعوا هذا يقول : إذا عصى الله رزق عياله ، وإذا أطاع الله ضيع عياله ، قال : ثم قال سفيان : لا تقتدوا بصاحب عيال ، فما كان عذر من عوتب إلا أن قال : عيالي .

              حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يوسف ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت بشير بن أبي السري ، قال : اجتمعت أنا وسفيان ، ويحيى بن سليم ، في الحجر - أو قال : في الحطيم - فحدث يحيى سفيان ، عن ابن المنكدر يرويه ، قال : ولو أن عبدا جاء يوم القيامة قد أدى إلى الله عز وجل جميع ما افترض عليه إلا أنه محب للدنيا إلا أمر الله له مناديا ينادي به على رءوس أهل الجمع : ألا إن هذا فلان بن فلان قد أحب ما أبغض الله عز وجل .

              حدثنا محمد بن أحمد بن علي ، ثنا أبو عروبة ، ثنا المسيب بن واضح ، ثنا يوسف بن أسباط ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : إن عامة من داخل هؤلاء إنما دفعهم إلى ذلك العيال والحاجة ، وكانت له بضاعة مع بعض إخوانه .

              وكان يقول : ما كانت العدة - أي المال المعد - في زمان أصلح منها في هذا الزمان .

              [ ص: 381 ] حدثنا محمد بن علي ، ثنا أبو يعلى محمد بن سعيد الحراني ، ثنا محمد بن علي المري ، عن عيسى بن يونس ، قال : لقيت سفيان الثوري ، فقال لي : لا تغتر بصاحب عيال ، فقل صاحب عيال إلا خلط ، فقلت له : يا أبا عبد الله ، بلغني أن لك بضاعة مائتي دينار ، ويعمل لك فيها ، قال : فخرجت إلى الثغر ، ثم قدمت فأتيته ، فقال : أشعرت أن قرة عيني مات فاسترحت ، قال : وكان له ابن يقال له : سعيد ، مات .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا حامد بن شعيب ، وعبد الله بن محمد البغوي ، قالا : ثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، ثنا الزبيري ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : لا تعبأن بأبي العيال ، ولا تغترن به .

              حدثنا القاضي أبو أحمد ، ثنا أحمد بن محمد بن الحسين ، ح . وحدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عبد الرحمن بن محمد العسقلاني ، قالا : ثنا عبد الله بن خبيق ، ثنا موسى بن عبد الرحمن القلاء ، قال : قال حذيفة بن قتادة المرعشي : قال لي سفيان الثوري : لأن أخلف عشرة آلاف درهم أحاسب عليها أحب إلي من أن أحتاج إلى الناس .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن خالد بن يزيد ، ثنا محمد بن خلف ، ثنا رواد بن الجراح ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : كان المال فيما مضى يكره ، فأما اليوم فهو ترس المؤمن .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عبد الرحمن بن أبي قرصافة ، ثنا عبد الله بن خبيق ، ثنا عبد الله بن محمد الباهلي ، قال : جاء رجل إلى الثوري ، فقال : يا أبا عبد الله ، تمسك هذه الدنانير ؟ فقال : اسكت ، لولا هذه الدنانير لتمندل بنا هؤلاء الملوك .

              قال : وقال سفيان : من كان في يده من هذه شيء فليصلحه ؛ فإنه زمان من احتاج كان أول ما يبذل دينه .

              قال : وجاءه رجل فقال : يا أبا عبد الله ، إني أريد الحج ، قال : لا تصحب من يكرم عليك ، فإن ساويته في النفقة أضر بك ، وإن تفضل عليك استذلك .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية