الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              372 - حماد بن سلمة

              ومنهم المجتهد في العبادة ، المعدود في الإمامة ، أبو سلمة حماد بن سلمة ، كان لخطير الأعمال مصطنعا ، وبيسير الأقوات مقتنعا .

              [ ص: 250 ] حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا سلم بن عصام ، قال : سمعت عبد الرحمن بن عمر رسته ، قال : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، يقول : لو قيل لحماد بن سلمة إنك تموت غدا ما قدر أن يزيد في العمل شيئا .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن إسحاق ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، ثنا حاتم بن الليث الجوهري ، ثنا عفان بن مسلم ، قال : قد رأيت من هو أعبد من حماد بن سلمة ، ولكن ما رأيت أشد مواظبة على الخير وقراءة القرآن ، والعمل لله من حماد بن سلمة .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا حاتم بن الليث ، ثنا موسى بن إسماعيل ، قال : لو قلت لكم إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكا قط صدقتكم ، كان مشغولا بنفسه إما أن يحدث ، وإما أن يقرأ ، وإما أن يسبح ، وإما أن يصلي ، كان قد قسم النهار على هذه الأعمال .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا الجوهري ، ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد بن زيد ، قال : ما كنا نأتي أحدا نتعلم شيئا بنية من ذلك الزمان إلا حماد بن سلمة ، ونحن نقول اليوم : ما نأتي أحدا تعلم بنية إلا حماد بن سلمة .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت محمد بن عبيد الله ، يقول : سمعت يونس بن محمد ، يقول : مات حماد بن سلمة في المسجد وهو يصلي .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إسحاق بن أحمد ، ثنا ابن أبي البلخ ، ثنا سوار بن عبد الله بن سوار ، قال : كان حماد بن سلمة يبيع الخمر وكان يغدو إلى السوق ، فإذا كسب حبة أو حبتين شد سفطه ، وأغلق حانوته وانصرف .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا سوار بن عبد الله ، ثنا أبي ، قال : كنت آتي حماد بن سلمة في سوقه ، فإذا ربح في ثوب حبة أو حبتين شد جونته ، فلم يبع شيئا ، فكنت أظن أن ذاك يقوته فإذا وجد قوته لم يزد [ ص: 251 ] عليه شيئا .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا سلم بن عصام ، ثنا عبد الرحمن بن عمرو رسته ، قال : سمعت حاتم بن عبيد الله ، يقول : كان حماد بن سلمة يدخل السوق فيربح دانقين في ثوب واحد فيرجع ، فإذا ربح لو عرض له ديناران ما عرض لهما .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا الحسن بن محمد التاجر ، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، قال : سمعت بعض أصحابنا يقول : عاد حماد بن سلمة سفيان الثوري ، فقال سفيان : يا أبا سلمة ، أترى يغفر الله لمثلي ؟! فقال حماد : والله لو خيرت بين محاسبة الله إياي ، وبين محاسبة أبوي لاخترت محاسبة الله على محاسبة أبوي ، وذلك أن الله تعالى أرحم بي من أبوي .

              حدثنا إبراهيم بن محمد ، ثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم ، ثنا موسى بن إسماعيل ، قال : سمعت حماد بن سلمة ، يقول لرجل : إن دعاك الأمير أن تقرأ عليه ( قل هو الله أحد ) فلا تأته .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن إسماعيل ، قال : سمعت آدم بن إياس ، يقول : شهدت حماد بن سلمة ودعوه - يعني السلطان - فقال : أحمل لحية حمراء لهؤلاء ؟ لا والله لا فعلت .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن الحسين ، ثنا سليمان بن عبد الجبار ، قال : سمعت إسحاق بن عيسى الطباع ، يقول : سمعت حماد بن سلمة ، يقول : من طلب الحديث لغير الله مكر به .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا المفضل بن غسان ، ثنا قريش بن أنس ، عن حماد بن سلمة ، قال : ما كان من شأني أن أحدث أبدا حتى رأيت - يعني أيوب السختياني - في منامي فقال لي : حدث فإن الناس يقبلون .

              حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي ، ثنا عباس بن يوسف الشكلي ، ثنا إسحاق بن الجراح ، ثنا محمد بن الحجاج ، قال : كان رجل يسمع معنا عند حماد بن سلمة ، فركب إلى الصين ، فلما رجع أهدى إلى حماد بن سلمة هدية ، فقال له حماد : إني إن قبلتها لم أحدثك بحديث ، وإن لم أقبلها حدثتك ، قال : لا تقبلها وحدثني .

              [ ص: 252 ] حدثنا أبو أحمد ، ثنا عباس بن إبراهيم القراطيسي ، ثنا محمد بن سفيان بن أبي الزود ، ثنا الحكم بن يزيد ، عن أبان بن عبد الرحمن ، قال : رئي حماد بن زيد في المنام ، فقيل له : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي ، قيل : فما فعل بحماد بن سلمة ؟ قال : هيهات !! ذاك في أعلى عليين .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية