الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              369 - عبد العزيز بن سلمان

              ومنهم الواله العيمان ، الوارد العطشان ، عبد العزيز بن سلمان . رحمه الله ، الخوف أضناه والرجاء أسلاه .

              حدثنا الوليد بن أحمد ، ومحمد بن أحمد بن النضر ، قالا : ثنا عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن يحيى ، ثنا محمد بن الحسن ، ثنا يحيى بن بسطام الأصفر ، ثنا أبو طارق التبان ، قال : كان عبد العزيز بن سلمان إذا ذكر القيامة والموت صرخ كما تصرخ الثكلى ، ويصرخ الخائفون من جوانب المسجد ، قال : وربما رفع الميت والميتان من جوانب مجلسه .

              [ ص: 244 ] حدثنا الوليد بن أحمد ، ومحمد بن أحمد ، قالا : ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ثنا محمد بن يحيى ، ثنا محمد بن الحسين ، حدثني مالك بن ضيغم ، حدثني مسمع بن عاصم ، قال : بت أنا وعبد العزيز بن سلمان ، وكلاب بن جري ، وسلمان الأعرج ، على ساحل من بعض السواحل ، فبكى كلاب حتى خشيت أن يموت ، ثم بكى عبد العزيز لبكائه ، ثم بكى سلمان لبكائهم ، وبكيت والله لبكائهم ، ثم لا أدري ما أبكاهم ، فلما كان بعد سألت عبد العزيز ، فقلت : أبا محمد ما الذي أبكاك ليلتك ؟ قال : إني نظرت والله إلى أمواج البحر تموج وتحيك فذكرت أطباق النيران وزفراتها فذاك الذي أبكاني ، ثم سألت كلابا ، وسلمان ، فقالا لي نحوا من ذلك ، قال : فما كان في القوم شر مني ، ما كان بكائي إلا لبكائهم رحمة لما كانوا يصنعون بأنفسهم .

              حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد المؤذن ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، حدثني محمد بن الحسين ، حدثني محمد بن عبد العزيز بن سلمان ، قال : كنت أسمع أبي يقول : عجبت ممن عرف الموت كيف تقر في الدنيا عينه ، أم كيف تطيب بها نفسه ، أم كيف لا يتصدع قلبه فيها ؟ قال : ثم يصرخ هاه هاه حتى يخر مغشيا عليه .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن أبان ، ثنا أبو بكر بن سفيان ، ثنا محمد بن الحسين ، ثنا يحيى بن عيسى بن ضرار السعدي ، ثنا عبد العزيز بن سلمان العابد - وكان يرى الآيات والأعاجيب - ثنا مطهر السعدي ، - وكان قد بكى شوقا إلى الله ستين عاما - قال : أريت كأني على ضفة نهر تجري بالمسك الأذفر ، حافتاه شجر لؤلؤ ونبت من قضبان الذهب ، فإذا أنا بجوار من بنات يقلن بصوت واحد : سبحان المسبح بكل لسان ، سبحانه ، سبحان الموجود بكل مكان سبحانه ، سبحان الدائم في كل الأزمان سبحانه ، سبحانه ، قال : فقلت : من أنتن ؟ فقلن : خلق من خلق الرحمن سبحانه ، فقلت : ما تصنعن ههنا ؟ فقلن :


              ذرأنا إله الناس رب محمد لقوم على الأطراف بالليل قوم     يناجون رب العالمين إلههم
              وتسري هموم القوم والناس نوم

              [ ص: 245 ] قلت : بخ بخ لهؤلاء ، من هؤلاء لقد أقر الله أعينهم بكن ، قال : فقلن : أوما تعرفهم ؟ فقلت : لا والله ما أعرفهم ! قلن : بلى هؤلاء المتهجدون أصحاب القرآن والسهر .

              حدثنا أبو بكر المؤذن ، ثنا أحمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، ثنا محمد بن الحسين ، ثنا أبو عقيل زيد بن عقيل ، قال : سمعت مطرفا السفري ، يقول لعبد العزيز بن سلمان : رأيت فيما يرى النائم كأن قائلا يقول في وسط مسجد البصرة : قطع ذكر الموت قلوب الخائفين ، فوالله ما تراهم إلا والهين ، قال : فخر عبد العزيز مغشيا عليه .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن محمد بن العباس ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا إبراهيم بن الجنيد ، عن محمد بن عبد العزيز بن سلمان العابد ، قال : كان أبي إذا قام من الليل ليتهجد سمعت في الدار جلبة شديدة ، واستقاء للماء الكثير ، قال : فنرى أن الجن كانوا يستيقظون للتهجد فيصلون معه .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن أبان ، ثنا أبو بكر بن سفيان ، ثنا محمد بن إدريس ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : قيل لعبد العزيز الراسبي - وكانت رابعة تسميه سيد العابدين : ما بقي مما تلذ به ؟ قال : سرداب أخلو به فيه .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا أبو موسى العنبري ، ثنا عبد العزيز ، ثنا مالك بن دينار ، قال : كنت عند أنس إذ جاءه شيخ فاستأذن عليه فقام وتوكأ على عصاه من الكبر ، فقال : يا أبا حمزة لقد أعهدك بين ظهراني قوم ليسوا كقوم أنت بين ظهرانيهم اليوم ؟ قال :يا أخي ( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ) .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية