الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1845 حديث ثالث لسهيل بن أبي صالح

مالك ، عن سهيل بن أبي صالح السمان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا رأيت الرجل يقول هلك الناس ، فهو أهلكهم .

التالي السابق


هذا معناه عند أهل العلم : أن يقولها الرجل احتقارا للناس وإزراء عليهم وإعجابا بنفسه : وأما إذا قال ذلك تأسفا وتحزنا وخوفا عليهم ; لقبح ما يرى من أعمالهم ، فليس ممن عني بهذا الحديث ، والفرق بين الأمرين : أن يكون في الوجه الأول راضيا ، عن نفسه معجبا بها ، حاسدا لمن فوقه ، محتقرا لمن دونه ، ويكون في الوجه الثاني ماقتا لنفسه ، موبخا لها ، غير راض عنها .

روينا عن أبي الدرداء - رحمه الله - أنه قال : لن يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس كلهم في ذات الله ، ثم يعود إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا .

حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن الفضل ، حدثنا محمد بن جرير ، حدثنا عبد الجبار بن يحيى الرملي ، حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن صدقة بن يزيد ، عن صالح بن خالد ، قال : إذا أردت أن تعمل من الخير شيئا فأنزل الناس منزلة البقر ، إلا أنك لا تحقرهم .

[ ص: 243 ] قال أبو عمر :

معنى هذا - والله أعلم - أي لا تلتمس من أحد فيه شيئا غير الله ، وأخلص عملك له وحده ، كما أنك لو اطلع عليك البقر وأنت تعمله لم ترج منها عليه شيئا ، فكذلك لا ترجو من الآدميين ، ثم بين لك المعنى ، فقال : إلا أنك لا تحقرهم .

وحدثنا أحمد بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن الفضل ، قال : حدثنا محمد بن جرير ، حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام ، عن أبي سنان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن يحيى بن جعدة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذكره إنما الكبر من غمط الحق وحقر الناس . هكذا قال : وحقر الناس .

وذكر ابن المبارك ، عن عبد الله بن مسلم بن يسار ، عن أبيه ، قال : إذا لبست ثوبا فظننت أنك في ذلك الثوب أفضل منك في غيره ، فبئس الثوب هو لك .

وقال مسلم بن يسار : كفى بالمرء من الشر أن يرى أنه أفضل من أخيه .




الخدمات العلمية