الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                    ( أتأتون الذكران من العالمين ( 165 ) وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ( 166 ) قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين ( 167 ) قال إني لعملكم من القالين ( 168 ) رب نجني وأهلي مما يعملون ( 169 ) فنجيناه وأهله أجمعين ( 170 ) إلا عجوزا في الغابرين ( 171 ) ثم دمرنا الآخرين ( 172 ) وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين ( 173 ) إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين ( 174 ) وإن ربك لهو العزيز الرحيم ( 175 ) ) .

                                                                                                                                                                                                    [ ص: 158 ] لما نهاهم نبي الله عن إتيانهم الفواحش ، وغشيانهم الذكور ، وأرشدهم إلى إتيان نسائهم اللاتي خلقهن الله لهم - ما كان جواب قومه له إلا أن قالوا : ( لئن لم تنته يا لوط ) يعنون : عما جئتنا به ، ( لتكونن من المخرجين ) أي : ننفيك من بين أظهرنا ، كما قال تعالى : ( وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) [ الأعراف : 82 ] ، فلما رأى أنهم لا يرتدعون عما هم فيه وأنهم مستمرون على ضلالتهم ، تبرأ منهم فقال : ( قال إني لعملكم من القالين ) أي : المبغضين ، لا أحبه ولا أرضى به ; فأنا بريء منكم . ثم دعا الله عليهم قال : ( رب نجني وأهلي مما يعملون ) .

                                                                                                                                                                                                    قال الله تعالى ( فنجيناه وأهله أجمعين ) أي : كلهم .

                                                                                                                                                                                                    ( إلا عجوزا في الغابرين ) ، وهي امرأته ، وكانت عجوز سوء بقيت فهلكت مع من بقي من قومها ، وذلك كما أخبر الله تعالى عنهم في " سورة الأعراف " و " هود " ، وكذا في " الحجر " حين أمره الله أن يسري بأهله إلا امرأته ، وأنهم لا يلتفتون إذا سمعوا الصيحة حين تنزل على قومه ، فصبروا لأمر الله واستمروا ، وأنزل الله على أولئك العذاب الذي عم جميعهم ، وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود ; ولهذا قال : ( ثم دمرنا الآخرين . وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين . إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين . وإن ربك لهو العزيز الرحيم ) .

                                                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية