الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      شريك ( 4 )

                                                                                      ابن عبد الله ، العلامة الحافظ ، القاضي أبو عبد الله النخعي ، أحد الأعلام ، على لين ما في حديثه . توقف بعض الأئمة عن الاحتجاج بمفاريده .

                                                                                      قال أبو أحمد الحاكم : شريك بن عبد الله بن سنان بن أنس . ويقال : شريك بن عبد الله بن أبي شريك بن مالك بن النخع ، وجده قاتل الحسين - رضوان الله عليه . أدرك شريك عمر بن عبد العزيز ، وسمع سلمة بن كهيل ، ومنصور بن المعتمر ، وأبا إسحاق . ليس بالمتين عندهم .

                                                                                      وقال أبو بكر الخطيب : شريك بن عبد الله بن الحارث بن أوس القاضي أدرك عمر بن عبد العزيز .

                                                                                      قلت : وروى أيضا عن أبي صخرة جامع بن شداد ، وجامع بن [ ص: 201 ] أبي راشد ، وزياد بن علاقة ، وسماك بن حرب ، وعبد العزيز بن رفيع ، وزبيد بن الحارث ، وبيان بن بشر ، ويعلى بن عطاء ، وإبراهيم بن مهاجر ، وعثمان بن أبي زرعة ، وعاصم الأحول ، وسالم الأفطس ، وسليمان الأعمش ، وعطاء بن السائب ، ونسير بن ذعلوق ، وعبد الملك بن عمير ، وسلمة بن المحبق ، وأشعث بن أبي الشعثاء ، وعبد الكريم بن مالك الجزري ، والمقدام بن شريح ، وسعيد بن مسروق ، وهشام بن عروة ، وعاصم بن بهدلة ، وعلي بن بذيمة ، وزيد بن جبير ، وحكيم بن جبير ، وشبيب بن غرقدة ، ومخول بن راشد ، وابن عقيل ، وإبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي ، وعمار الدهني ، وحبيب بن أبي ثابت ، وخلق سواهم .

                                                                                      وعنه : أبان بن تغلب ، ومحمد بن إسحاق ، وهما من شيوخه ، وشعبة ، وسفيان ، والليث بن سعد ، وابن المبارك ، ويحيى بن آدم ، وأبو نعيم ، ويزيد بن هارون ، وإسحاق بن يوسف الأزرق ، ويقال : إن إسحاق الأزرق أخذ عنه تسعة آلاف حديث .

                                                                                      وممن يروي عنه : أحمد بن يونس ، وعلي بن الجعد ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وأخوه عثمان ، وهناد بن السري ، ولوين ، ويحيى بن يحيى ، ومحمد بن سليمان لوين ، ويحيى بن عبد الحميد الحماني ، وعباد بن يعقوب الرواجني ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وعلي بن حجر ، وأمم سواهم . وقد وثقه يحيى بن معين . وقال : هو أثبت من أبي الأحوص . قلت : مع أن أبا الأحوص من رجال " الصحيحين " ، وما أخرج لشريك سوى مسلم في المتابعات قليلا . وخرج له البخاري تعليقا . [ ص: 202 ]

                                                                                      قال ابن المبارك : شريك أعلم بحديث بلده من الثوري . فذكر هذا لابن معين ، فقال : ليس يقاس بسفيان أحد ، لكن شريك أروى منه في بعض المشايخ . وقال النسائي : ليس به بأس .

                                                                                      وقال الجوزجاني : سيئ الحفظ مضطرب الحديث مائل . قلت : فيه تشيع خفيف على قاعدة أهل بلده . وكان من كبار الفقهاء ، وبينه وبين الإمام أبي حنيفة وقائع . مولده : في سنة خمس وتسعين . وقيل : إنه ولد ببخارى ، أو نقل إلى الكوفة . وقد سمى البخاري جده سنانا ، وسماه شيخه أبو نعيم : الحارث . قال إبراهيم بن سعيد الجوهري : أخطأ شريك في أربع مائة حديث .

                                                                                      وعن عبد الرحمن بن شريك ، قال : كان عند أبي عن جابر الجعفي : عشرة آلاف مسألة ، وعن ليث بن أبي سليم : عشرة آلاف مسألة .

                                                                                      قال أبو نعيم : سمعت شريكا يقول : قدم عثمان يوم قدم ، وهو أفضل القوم . قلت : ما بعد هذا إنصاف من رجل كوفي . [ ص: 203 ]

                                                                                      قال منصور بن أبي مزاحم : سمعت شريكا يقول في مجلس أبي عبيد الله - يعني وزير المهدي - وفيه الحسن بن زيد بن الحسن ، ووالد مصعب الزبيري ، وابن أبي موسى ، والأشراف ، فتذاكروا النبيذ ، فرخص من حضر من العراقيين فيه ، وشدد الباقون ، فقال شريك : حدثنا أبو إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : قال عمر : " إنا لنأكل لحوم هذه الإبل ، ليس يقطعها في بطوننا إلا هذا النبيذ الشديد " . فقال الحسن بن زيد : ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق فقال شريك : أجل ! شغلك الجلوس على الطنافس في صدور المجالس عن استماع هذا ومثله ، فلم يجبه الحسن بشيء . وأسكت القوم ، فتحدثوا بعد في النبيذ ، وشريك ساكت . فقال له أبو عبيد الله : حدثنا يا أبا عبد الله بما عندك . فقال : كلا ! الحديث أعز على أهله من أن يعرض للتكذيب . فقال بعضهم : شرب سفيان الثوري ، فقال قائل منهم : لا ، بلغنا أن سفيان تركه ، فقال شريك : أنا رأيته يشرب في بيت خير أهل الكوفة في زمانه ، مالك بن مغول .

                                                                                      قال عيسى بن يونس : ما رأيت أحدا أورع في علمه من شريك .

                                                                                      قال محمد بن معاوية النيسابوري : سمعت عبادا يقول : قدم علينا معمر وشريك واسط . فكان شريك أرجح عندنا منه .

                                                                                      قال عباس : ذكرت لابن معين ، إسرائيل ، وشريكا ، فقال : ما فيهما إلا ثبت . وقال : شريك أثبت من أبي الأحوص ، ثم سمعت [ ص: 204 ] ابن معين يقول : إسرائيل أثبت من شريك . وقال : كان يحيى القطان لا يحدث عن هذين .

                                                                                      قال منجاب بن الحارث : قال رجل لشريك : كيف تجدك يا أبا عبد الله ؟ قال : أجدني شاكيا غير شاكي الله .

                                                                                      أحمد بن أبي خيثمة : حدثنا يحيى بن أيوب ، قال : كنا عند شريك يوما ، فظهر من أصحاب الحديث جفاء ، فانتهر بعضهم ، فقال له رجل : يا أبا عبد الله ، لو رفقت . فوضع شريك يده على ركبة الشيخ ، وقال : النبل عون على الدين .

                                                                                      قال ابن عيينة : قيل لشريك : ما تقول فيمن يفضل عليا على أبي بكر ؟ قال : إذا يفتضح ، يقول : أخطأ المسلمون .

                                                                                      وعن وكيع قال : ما كتبت عن شريك بعد ما ولي القضاء ، فهو عندي على حدة .

                                                                                      وقال أبو نعيم : لم أكتب عنه بعد القضاء غير حديث واحد . البغوي : حدثنا عباس بن محمد ، سمعت يحيى يقول : قضى شريك على ابن إدريس بشيء . فقال ابن إدريس : القضاء فيه كذا وكذا - يعني الذي حكمت به - فقال له شريك : اذهب فأفت بهذا حاكة الزعافر ، وكان شريك قد حبسه في القضية ، وكان ابن إدريس ينزل في الزعافر .

                                                                                      منصور بن أبي مزاحم : سمعت شريكا يقول : ترك الجواب في موضعه إذابة القلب . [ ص: 205 ]

                                                                                      قال إبراهيم بن أعين : قلت لشريك : أرأيت من قال : لا أفضل أحدا . قال : هذا أحمق ، أليس قد فضل أبو بكر وعمر ؟ وروى أبو داود الرهاوي ، أنه سمع شريكا يقول : علي خير البشر ، فمن أبى فقد كفر .

                                                                                      قلت : ما ثبت هذا عنه . ومعناه حق . يعني : خير بشر زمانه ، وأما خيرهم مطلقا ، فهذا لا يقوله مسلم .

                                                                                      قال عبد الرحمن بن يحيى العذري : أعلم أهل الكوفة سفيان ، وأحضرهم جوابا شريك ، وذكر باقي الحكاية .

                                                                                      قال الفضل بن زياد : قلت لأبي عبد الله في إسرائيل وشريك قياس ، كان يحدث الحديث بالتوهم .

                                                                                      ابن أبي خيثمة : حدثنا سليمان بن أبي شيخ : قال شريك لبعض إخوانه : أكرهت على القضاء . قال : فأكرهت على أخذ الرزق ؟

                                                                                      ثم قال سليمان : حكى لي عبد الله بن صالح بن مسلم ، قال : كان شريك على قضاء الكوفة ، فخرج يتلقى الخيزران ، فبلغ شاهي وأبطأت الخيزران ، فأقام ينتظرها ثلاثا ، ويبس خبزه ، فجعل يبله بالماء ويأكله ، فقال العلاء بن المنهال الغنوي :

                                                                                      فإن كان الذي قد قلت حقا بأن قد أكرهوك على القضاء     فما لك موضعا في كل يوم
                                                                                      تلقى من يحج من النساء ؟ [ ص: 206 ]     مقيما في قرى شاهي ثلاثا
                                                                                      بلا زاد سوى كسر وماء



                                                                                      قال سليمان : وحدثني عبد الرحمن بن شريك قال : كانت أم شريك من خراسان ، فرآها أعرابي وهي على حمار ، وشريك صبي بين يديها ، فقال : إنك لتحملين جندلة من الجنادل .

                                                                                      وقال موسى بن عيسى لشريك : يا أبا عبد الله ، عزلوك عن القضاء ، ما رأينا قاضيا عزل . قال : هم الملوك ، يعزلون ويخلعون ، يعرض أن أباه خلع - يعني من ولاية العهد .

                                                                                      قال سليمان : قال أبو مطرف : قال لي شريك : حملت إلى أبي جعفر ، فقال لي : قد وليتك قضاء الكوفة . فقلت : لا أحسن . فقال : قد بلغني ما صنعت بعيسى ، والله ما أنا كعيسى . يا ربيع ، يكون عندك حتى يقبل ، فخرجت مع الربيع ، فقال : إنه لا يعفيك . فقبلت .

                                                                                      قال ابن أبي خيثمة : وأخبرني سليمان ، قال : لقي عبد الله بن مصعب الزبيري شريكا ، فقال : بلغني أنك تنال من أبي بكر وعمر . فقال شريك : والله ما أنتقص الزبير ، فكيف أنال من أبي بكر وعمر ؟

                                                                                      ثم قال سليمان : وأخبرني أبي ، قال : قيل لأبي شيبة القاضي : قد ولي شريك قضاء الكوفة .

                                                                                      فقال : الحمد لله الذي لم يجعله من أصحاب حماد .

                                                                                      ابن المديني ، عن يحيى القطان ، قال : أحدث عن شريك أعجب إلي من أن أحدث عن موسى بن عبيدة ، وضعف شريكا ، وقال : [ ص: 207 ] أتيته بالكوفة ، فأملى علي ، فإذا هو لا يدري .

                                                                                      قال سليمان بن أبي شيخ : حدثني أبي ، قال : لما وجه شريك إلى قضاء الأهواز جلس على القضاء ، فجعل لا يتكلم حتى قام ، ثم هرب واختفى . ويقال : إنه اختفى عند الوالي . فحدثني يحيى بن سعيد الأموي ، قال : كنت عند الحسن بن عمارة حين بلغه أن شريكا هرب ، فقال : الخبيث استصغر قضاء الأهواز .

                                                                                      محمد بن يزيد الرفاعي : حدثني حمدان بن الأصبهاني ، قال : كنت عند شريك ، فأتاه بعض ولد المهدي ، فاستند ، فسأله عن حديث ، فلم يلتفت إليه ، وأقبل علينا ، ثم أعاد ، فعاد بمثل ذلك . فقال : كأنك تستخف بأولاد الخليفة . قال : لا ، ولكن العلم أزين عند أهله من أن تضيعوه . قال : فجثا على ركبتيه ، ثم سأله ، فقال شريك : هكذا يطلب العلم .

                                                                                      قال عباد بن العوام : قال شريك : أثر فيه بعض الضعف أحب إلي من رأيهم .

                                                                                      قال علي بن سهل : سمعت عفان يقول : كان شريك يخضب بالحمرة .

                                                                                      قيل : إن شريكا أدخل على المهدي ، فقال : لا بد من ثلاث : إما أن تلي القضاء ، أو تؤدب ولدي وتحدثهم ، أو تأكل عندي أكلة . ففكر ساعة ، ثم قال : الأكلة أخف علي ، فأمر المهدي الطباخ أن يصلح ألوانا من المخ المعقود بالسكر وغير ذلك ، فأكل . فقال الطباخ : يا أمير المؤمنين ليس يفلح بعدها . قال : فحدثهم بعد ذلك ، وعلمهم ، وولي القضاء . [ ص: 208 ] ولقد كتب له برزقه على الصيرفي ، فضايقه في النقد ، فقال : إنك لم تبع به بزا . فقال شريك : والله بعت أكبر من البز ، بعت به ديني .

                                                                                      قال علي بن الحسين بن الجنيد الرازي : سمعت أبا توبة الحلبي يقول : كنا بالرملة ، فقالوا : من رجل الأمة ؟ فقال قوم : ابن لهيعة . وقال قوم : مالك ، فقدم علينا عيسى بن يونس ، فسألناه ، فقال : رجل الأمة شريك ، وكان شريك يومئذ حيا .

                                                                                      قال محمد بن إسحاق الصاغاني : حدثنا سلم بن قادم ، حدثنا موسى بن داود ، حدثنا عباد بن العوام ، قال : قدم علينا شريك من نحو خمسين سنة ، فقلنا له : إن عندنا قوما من المعتزلة ، ينكرون هذه الأحاديث : إن أهل الجنة يرون ربهم و إن الله ينزل إلى السماء الدنيا فحدث شريك بنحو من عشرة أحاديث في هذا ، ثم قال : أما نحن ، فأخذنا ديننا عن أبناء التابعين ، عن الصحابة ، فهم عمن أخذوا ؟

                                                                                      قال شريك ، عن أشعث ، عن محمد بن سيرين ، قال : أدركت بالكوفة أربعة آلاف شاب يطلبون العلم .

                                                                                      قال أبو نعيم النخعي : سمعت شريكا يقول : ترى أصحاب الحديث هؤلاء يطلبونه لله ؟! إنما يتظرفون به .

                                                                                      قال عمرو بن علي الفلاس : كان يحيى لا يحدث عن شريك ، وكان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عنه .

                                                                                      قال معاوية بن صالح الأشعري : سألت أحمد بن حنبل عن شريك ، [ ص: 209 ] فقال : كان عاقلا ، صدوقا ، محدثا ، وكان شديدا على أهل الريب والبدع ، قديم السماع من أبي إسحاق قبل زهير ، وقبل إسرائيل : فقلت له : إسرائيل أثبت منه ؟ قال : نعم . قلت له : يحتج به ؟ قال : لا تسألني عن رأيي في هذا . قلت : فإسرائيل يحتج به ؟ قال : إي لعمري . قال : وولد شريك سنة خمس وتسعين . قلت له : كيف كان مذهبه في علي وعثمان - رضي الله عنهما ؟ قال : لا أدري .

                                                                                      قال حفص بن غياث ; من طريق علي بن خشرم ، عنه : سمعت شريكا يقول : قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - واستخار المسلمون أبا بكر ، فلو علموا أن فيهم أحدا أفضل منه كانوا قد غشونا ، ثم استخلف أبو بكر عمر ، فقام بما قام به من الحق والعدل ، فلما حضرته الوفاة ، جعل الأمر شورى بين ستة ، فاجتمعوا على عثمان . فلو علموا أن فيهم أفضل منه كانوا قد غشونا .

                                                                                      قال علي بن خشرم : فأخبرني بعض أصحابنا من أهل الحديث ، أنه عرض هذا على عبد الله بن إدريس ، فقال ابن إدريس : أنت سمعت هذا من حفص ؟ قلت : نعم . قال : الحمد لله الذي أنطق بهذا لسانه ، فوالله إنه لشيعي ، وإن شريكا لشيعي .

                                                                                      قلت : هذا التشيع الذي لا محذور فيه - إن شاء الله - إلا من قبيل الكلام فيمن حارب عليا - رضي الله عنه - من الصحابة ، فإنه قبيح يؤدب فاعله . ولا نذكر أحدا من الصحابة إلا بخير ، ونترضى عنهم ، ونقول : هم طائفة من المؤمنين بغت على الإمام علي ، وذلك بنص قول المصطفى - صلوات الله عليه - لعمار : تقتلك الفئة الباغية . فنسأل الله أن يرضى عن الجميع ، [ ص: 210 ] وألا يجعلنا ممن في قلبه غل للمؤمنين . ولا نرتاب أن عليا أفضل ممن حاربه ، وأنه أولى بالحق - رضي الله عنه .

                                                                                      العقيلي : حدثنا محمد بن عثمان ، حدثنا الحسن ، سمعت أبا نعيم يقول : شهد ابن إدريس شهادة عند شريك ، أو تقدم إليه في شيء ، فأمر به شريك ، فأقيم ، ودفع في قفاه ، أو وجئ في قفاه . وقال شريك : من أهل بيت حمق ما علمت .

                                                                                      قال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي يقول : قد كتبت عن يحيى بن سعيد ، عن شريك على غير وجه الحديث - يعني في المذاكرة .

                                                                                      قال عبد الله : سمعت أبي يقول : كان شريك لا يبالي كيف حدث . حسن بن صالح أثبت منه في الحديث .

                                                                                      قال خليفة بن خياط : شريك بن عبد الله بن أبي شريك ، وهو الحارث بن أوس بن الحارث بن الأذهل بن وهبيل بن سعد بن مالك بن النخع يكنى أبا عبد الله . مات سنة سبع أو ثمان وسبعين ومائة . [ ص: 211 ]

                                                                                      وقال أبو نعيم الفضل وغيره : مات سنة سبع وسبعين ومائة . قلت : مات بالكوفة في أول شهر ذي القعدة سنة سبع ، عاش اثنتين وثمانين سنة .

                                                                                      قرأت على عبد الحافظ بن بدران ، ويوسف بن أحمد ، قالا : أخبرنا موسى بن عبد القادر سنة ثمان عشرة وست مائة ، أخبرنا أبو القاسم سعيد بن أحمد ، أخبرنا علي بن أحمد بن البسري ، أخبرنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا سويد بن سعيد الحدثاني ، حدثنا شريك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن حكيم بن جابر ، عن أبيه ، قال : رأيت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - دباء ، فقلت : ما هذا ؟ قال : هذا الدباء نكثر به طعامنا . هذا حديث صالح الإسناد .

                                                                                      وبه أخبرنا المخلص أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد ، حدثنا محمد بن سليمان بن حبيب لوين ، قال : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، في قوله - عز وجل - : وذللت قطوفها تذليلا قال : أهل الجنة يأكلون منها قياما ، وقعودا ، ومضطجعين ، وعلى أي حال شاءوا . [ ص: 212 ]

                                                                                      أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق ، أخبرنا الفتح بن عبد السلام ، أخبرنا هبة الله بن أبي شريك ، أخبرنا أبو الحسين بن النقور ، حدثنا عيسى بن علي إملاء ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن حبشي بن جنادة . قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : علي مني وأنا من علي ، لا يؤدي عني إلا أنا أو هو هذا حديث حسن غريب رواه ابن ماجه في " سننه " عن سويد ، فوافقناه بعلو .

                                                                                      أخبرنا الشيخ تاج الدين محمد بن عبد السلام ، مدرس الشامية وزينب بنت كندي سماعا عن زينب بنت عبد الرحمن بن حسن الشعرية [ ص: 213 ] أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم القارئ سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة ، أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي أخبرنا أبو سهل بشر بن أحمد أخبرنا داود بن الحسين حدثنا يحيى بن يحيى قال : قرأت على شريك عن محمد بن قيس عن رجل يكنى أبا موسى قال : رأيت عليا - رضي الله عنه - سجد سجدة الشكر حين وجد المخدج . وقال : والله ما كذبت ولا كذبت .

                                                                                      قال أبو داود : شريك ثقة ، يخطئ على الأعمش .

                                                                                      وقال صالح جزرة : قل ما يحتاج إلى شريك في الأحاديث التي يحتج بها ، ولما ولي القضاء اضطرب حفظه .

                                                                                      قال يعقوب بن شيبة : دعا المنصور شريكا ، فقال : إني أريد أن أوليك القضاء ، فقال : أعفني يا أمير المؤمنين . قال : لست أعفيك . قال : فأنصرف يومي هذا وأعود ، فيرى أمير المؤمنين رأيه . قال : تريد أن تتغيب ؟ ولئن فعلت لأقدمن على خمسين من قومك بما تكره ، فولاه القضاء . فبقي إلى أيام المهدي ، فأقره المهدي ثم عزله ، قال : وكان شريك ثقة مأمونا ، كثير الحديث ، أنكر عليه الغلط والخطأ . [ ص: 214 ]

                                                                                      قال عيسى بن يونس : من يفلت من الخطأ ؟ ربما رأيت شريكا يخطئ ، ويصحف حتى أستحيي .

                                                                                      يعقوب السدوسي : حدثنا سليمان بن منصور ، حدثنا إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة ، قال : قلت لمحمد بن الحسن : أما ترى كثرة قول الناس في شريك ؟ يعني في حمده مع كثرة خطئه وخطله . قال : اسكت ويحك ، أهل الكوفة كلهم معه ، يتعصب للعرب ، فهم معه ، ويتشيع لهؤلاء الموالي الحمقى فهم معه .

                                                                                      قال عيسى بن يونس : ما رأيت في أصحابنا أشد تقشفا من شريك ربما رأيته يأخذ شاته ، يذهب بها إلى الناس ، وربما حزرت ثوبيه قبل القضاء بعشرة دراهم ، وربما دخلت بيته ، فإذا ليس فيه إلا شاة يحلبها ، ومطهرة ، وبارية وجرة ، فربما بل الخبز في المطهرة فيلقي إلي كتبه ، فيقول : اكتب حديث جدك ، ومن أردت .

                                                                                      قال يعقوب السدوسي : وحدثني الهيثم بن خالد ، قال : حدث شريك يوما بحديث : " وضعت في كفة " فقال رجل لشريك : فأين كان علي - عليه السلام - ؟ قال : مع الناس في الكفة الأخرى .

                                                                                      قال أحمد بن عبد الله العجلي : سمعت بعض الكوفيين يقول : قال شريك : قدم علينا سالم الأفطس ، فأتيته ومعي قرطاس فيه مائة حديث . فسألته ، فحدثني بها ، وسفيان يسمع ، فلما فرغ قال لي سفيان : أرني قرطاسك ، فأعطيته ، فخرقه ، قال : فرجعت إلى منزلي فاستلقيت على قفاي ، فحفظت منها سبعة وتسعين حديثا ، وحفظها سفيان كلها . [ ص: 215 ]

                                                                                      قال الحافظ بن عدي : حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد ، بمصر ، حدثنا محمد بن الصباح الدولابي ، حدثنا نصر بن المجدر قال : كنت شاهدا حين أدخل شريك ، ومعه أبو أمية ، وكان أبو أمية رفع إلى المهدي أن شريكا حدثه عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ثوبان ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : استقيموا لقريش ما استقاموا لكم ، فإذا زاغوا عن الحق فضعوا سيوفكم على عواتقكم ، ثم أبيدوا خضراءهم .

                                                                                      قال المهدي : أنت حدثت بهذا ؟ قال : لا . فقال أبو أمية : علي المشي إلى بيت الله ، وكل مالي صدقة ، إن لم يكن حدثني . فقال شريك : وعلي مثل الذي عليه إن كنت حدثته . فكأن المهدي رضي . فقال أبو أمية : يا أمير المومنين ، عندك أدهى العرب ، إنما يعني مثل الذي علي من الثياب . قل له يحلف كما حلفت . فقال : احلف . فقال شريك : قد حدثته . فقال المهدي : ويلي على شارب الخمر - يعني الأعمش ، وذلك أنه كان يشرب المنصف - لو علمت موضع قبره لأحرقته . [ ص: 216 ]

                                                                                      قال شريك : لم يكن يهوديا ، كان رجلا صالحا ، قال : بل زنديق . قال : للزنديق علامات : بتركه الجمعات ، وجلوسه مع القيان ، وشربه الخمر . فقال : والله لأقتلنك . قال : ابتلاك الله بمهجتي . قال : أخرجوه ، فأخرج ، وجعل الحرس يشققون ثيابه ، وخرقوا قلنسوته . قال نصر : فقلت لهم : أبو عبد الله . فقال المهدي : دعهم .

                                                                                      أحمد بن عثمان بن حكيم : أخبرنا أبي ، قال : كان شريك لا يجلس للحكم حتى يتغدى ويشرب أربعة أرطال نبيذ ، ثم يصلي ركعتين ، ثم يخرج رقعة فينظر فيها ، ثم يدعو بالخصوم . فقيل لابنه عن الرقعة ، فأخرجها إلينا ، فإذا فيها : يا شريك ، اذكر الصراط وحدته ، يا شريك ، اذكر الموقف بين يدي الله - تعالى .

                                                                                      روى محمد بن يحيى القطان عن أبيه ، قال : رأيت تخليطا في أصول شريك .

                                                                                      وقال أبو يعلى : سمعت ابن معين يقول : شريك ثقة إلا أنه يغلط ولا يتقن ، ويذهب بنفسه على سفيان وشعبة .

                                                                                      وقال الدارقطني : ليس شريك بقوي فيما ينفرد به .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية