الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 324 ] ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين ومائتين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها عاثت قبيلة يقال لها : بنو نمير باليمامة في الأرض فسادا ، فكتب الواثق إلى بغا الكبير وهو مقيم بأرض الحجاز ، فحاربهم فقتل منهم جماعة ، وأسر منهم آخرين ، وهزم بقيتهم ، ثم التقى مع بني تميم وهو في ألفي فارس وهم في ثلاثة آلاف فكانت بينهم حروب طويلة ، ثم كان الظفر له عليهم آخرا ، وذلك في النصف من جمادى الآخرة ثم عاد بعد ذلك كله إلى بغداد ومعه من أعيان رءوس العرب في الأسر والقيود ، وقد قتل من أشرافهم في الوقائع المتقدم ذكرها ما ينيف على ألفي رجل من بني سليم ، ونمير ، وكلاب ، ومرة ، وفزارة ، وثعلبة ، وطيئ ، وتميم ، وغيرهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة أصاب الحجيج في الرجوع عطش شديد حتى بيعت الشربة بالدنانير الكثيرة ، ومات خلق كثير من العطش ، رحمهم الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 325 ] وفيها أمر الواثق بترك جباية أعشار سفن البحر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفاة الخليفة أبي جعفر هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور عبد الله ذي الدوانيق بن محمد الإمام بن علي السجاد بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي العباسي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان هلاكه في ذي الحجة من هذه السنة بعلة الاستسقاء فلم يقدر على حضور العيد عامئذ فاستناب في الصلاة بالناس قاضيه أحمد بن أبي دواد الإيادي المعتزلي . وكانت وفاته لست بقين من ذي الحجة ، وذلك أنه قوي به الاستسقاء فأقعد في تنور قد أحمي له بحيث يمكن إجلاسه فيه ; ليسكن وجعه ، فلان عليه أمره بعض الشيء ، فلما كان من الغد أمر بأن يحمى أكثر من العادة فأجلس فيه ثم أخرج فوضع في محفة فحمل فيها وحوله أمراؤه ، ووزراؤه وقاضيه ، فمات وهو محمول فيها فما شعروا حتى سقط جبينه على المحفة وهو ميت فغمض القاضي عينيه بعد [ ص: 326 ] ذلك وهو الذي ولي غسله والصلاة عليه ، ودفنه في قصر الهادي ، وكان أبيض اللون مشربا حمرة ، جميلا ربعة حسن الجسم ، قاتم العين اليسرى ، فيها نكتة بيضاء ، وكان مولده سنة ست وتسعين ومائة بطريق مكة فمات وهو ابن ست وثلاثين سنة ، وكانت مدة خلافته خمس سنين وتسعة أشهر وخمسة أيام ، وقيل : سبعة أيام وثنتي عشرة ساعة . وكان قد جمع أصحاب النجوم في زمانه حين اشتدت علته ; لينظروا في مولده وما تقتضيه صناعة النجوم كم تدوم أيام دولته ، فاجتمع عنده من رءوسهم جماعة ; منهم الحسن بن سهل والفضل بن إسحاق الهاشمي ، وإسماعيل بن نوبخت ، ومحمد بن موسى الخوارزمي المجوسي القطربلي ، وسند صاحب محمد بن الهيثم ، وعامة من يتكلم في النجوم ، فنظروا في مولده ، وما يقتضيه الحال عندهم ، ثم أجمعوا أنه يعيش دهرا طويلا ، وقدروا له خمسين سنة مستقبلة فلم يلبث [ ص: 327 ] بعد قولهم إلا عشرة أيام حتى مات . ذكره الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن جرير وذكر الحسين بن الضحاك أنه شهد الواثق بعد أن مات المعتصم بأيام ، وقد قعد مجلسا كان أول مجلس قعده ، فكان أول ما غني به في ذلك المجلس أن تغنت شارية ، جارية إبراهيم بن المهدي :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ما درى الحاملون يوم استقلوا نعشه للثواء أم للقاء     فليقل فيك باكياتك ما شئ
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ن صباحا وعند كل مساء

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال : فبكى وبكينا حتى شغلنا البكاء عن جميع ما كنا فيه ، ثم اندفع بعضهم يغني :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ودع هريرة إن الركب مرتحل     وهل تطيق وداعا أيها الرجل

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فازداد والله بكاؤه ، وقال : ما سمعت كاليوم قط تعزية بأب ونعي [ ص: 328 ] نفس . ثم ارفض ذلك المجلس .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وروى الخطيب البغدادي أن دعبل بن علي الشاعر لما تولى الواثق عمد إلى طومار ، فكتب فيه أبيات شعر ، ثم جاء إلى الحاجب فدفعه إليه ، وقال : أقرئ أمير المؤمنين السلام ، وقل : هذه أبيات امتدحك بها دعبل . فلما فضها الواثق إذا فيها :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحمد لله لا صبر ولا جلد     ولا عزاء إذا أهل الهوى رقدوا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      خليفة مات لم يحزن له أحد     وآخر قام لم يفرح به أحد
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فمر هذا ومر الشؤم يتبعه     وقام هذا فقام الويل والنكد

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال : فتطلبه الخليفة بكل ما يمكنه ، فلم يقدر عليه حتى مات الواثق . وروى أيضا أنه لما استخلف الواثق ابن أبي دؤاد على الصلاة في يوم العيد فرجع إليه قال : كيف كان عيدكم يا أبا عبد الله ؟ قال : كنا في نهار لا شمس فيه . فضحك وقال : يا أبا عبد الله أنا مؤيد بك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الخطيب : وكان ابن أبي دؤاد قد استولى على الواثق ، وحمله على التشديد في المحنة ، ودعا الناس إلى القول بخلق القرآن . قال : ويقال : إن [ ص: 329 ] الواثق رجع عن ذلك قبل موته ، فأخبرني عبيد الله بن أبي الفتح ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن ، ثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة ، حدثني حامد بن العباس ، عن رجل ، عن المهتدي أن الواثق مات ، وقد تاب من القول بخلق القرآن .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وروى أن الواثق دخل عليه يوما مؤدبه فأكرمه إكراما كثيرا فقيل له في ذلك ، فقال : هذا أول من فتق لساني بذكر الله ، وأدناني من رحمة الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكتب إليه بعض الشعراء :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      جذبت دواعي النفس عن طلب الغنى     وقلت لها عفي عن الطلب النزر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فإن أمير المؤمنين بكفه     مدار رحا الأرزاق دائبة تجري

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فوقع له في رقعته : جذبتك نفسك عن امتهانها ، ودعتك إلى صونها ، فخذ ما طلبته هنيئا . وأجزل له العطاء .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومن شعره قوله :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 330 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      هي المقادير تجري في أعنتها     فاصبر فليس لها صبر على حال

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومن شعر الواثق قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      تنح عن القبيح ولا ترده     ومن أوليته حسنا فزده
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ستكفى من عدوك كل كيد     إذا كاد العدو ولم تكده

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال القاضي يحيى بن أكثم ما أحسن أحد من خلفاء بني العباس إلى آل أبي طالب ما أحسن إليهم الواثق ، ما مات وفيهم فقير . ولما احتضر الواثق جعل يردد هذين البيتين :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الموت فيه جميع الخلق مشترك     لا سوقة منهم يبقى ولا ملك
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ما ضر أهل قليل في تفاقرهم     وليس يغني عن الأملاك ما ملكوا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم أمر بالبسط فطويت ثم ألصق خده بالأرض ، وجعل يقول : يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه . وقال بعضهم : لما احتضر الواثق ونحن حوله غشي عليه ، فقال بعضنا لبعض : انظروا هل قضى نحبه ؟ قال : فدنوت من بينهم إليه لأنظر هل هدأ نفسه ، فأفاق فلحظ إلي بعينه فرجعت القهقرى ; خوفا منه ، فتعلقت قائمة سيفي بشيء فكدت أن أهلك ، فما كان عن [ ص: 331 ] قريب حتى مات ، وأغلق عليه الباب الذي هو فيه وبقي فيه وحده ، واشتغلوا عن تجهيزه بالبيعة لأخيه جعفر المتوكل وجلست أنا أحرس الباب فسمعت حركة من داخل البيت ، فدخلت فإذا جرذ قد أكل عينه التي لحظ إلي بها ، وما كان بين الحالين إلا اليسير .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكانت وفاته بسر من رأى التي كان يسكنها في القصر الهاروني ، في يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة من هذه السنة أعني سنة ثنتين وثلاثين ومائتين عن ست وثلاثين سنة ، وقيل : ثنتين وثلاثين سنة . وكانت مدة خلافته خمس سنين وتسعة أشهر وخمسة أيام ، وقيل : خمس سنين وشهرين وأحد وعشرين يوما ، وصلى عليه أخوه جعفر المتوكل على الله والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      خلافة المتوكل على الله جعفر بن المعتصم بالله

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      بويع له بالخلافة بعد أخيه هارون الواثق ، وكانت بيعته وقت زوال الشمس من يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة ، وكانت الأتراك قد عزموا [ ص: 332 ] على تولية محمد ابن الواثق ، فاستصغروه فتركوه ، وعدلوا إلى جعفر هذا ، وكان عمره إذ ذاك ستا وعشرين سنة ، وكان الذي ألبسه خلعة الخلافة أحمد بن أبي دؤاد القاضي ، وهو أول من سلم عليه بالخلافة ، وبايعه الخاصة ، ثم العامة ، وكانوا قد اتفقوا على تسميته بالمنتصر بالله إلى صبيحة يوم الجمعة ، فقال أحمد بن أبي دؤاد : قد رأيت أن يلقب أمير المؤمنين بالمتوكل على الله . فاتفقوا على ذلك ، وكتب إلى الآفاق ، وأمر بعطاء الشاكرية من الجند ثمانية شهور ، وللمغاربة أربعة شهور ، ولغيرهم ثلاثة شهور ، واستبشر الناس به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد كان المتوكل رأى في منامه في حياة أخيه هارون الواثق كأن شيئا نزل عليه من السماء مكتوب فيه : جعفر المتوكل على الله فعبرها فقيل له : هي الخلافة . فبلغ ذلك أخاه الواثق فسجنه حينا ، ثم أرسله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس في هذه السنة محمد بن داود أمير مكة شرفها الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية