الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أبو معشر ( 4 )

                                                                                      الإمام المحدث ، صاحب المغازي نجيح بن عبد الرحمن السندي ، ثم المدني ، مولى بني هاشم ، كان مكاتبا لامرأة مخزومية ، فأدى ، فعتق ، فاشترت بنت المنصور ولاءه ، وهذا لا يجوز ، وقيل : بل اشترته وأعتقته ويقال : أصله حميري .

                                                                                      رأى أبا أمامة بن سهل بن حنيف ، المتوفى سنة مائة وحدث عن : محمد بن كعب ، وسعيد المقبري ، ونافع العمري ، وموسى بن يسار ، وابن المنكدر ، وأبي وهب مولى أبي هريرة ، ومحمد بن قيس القاص ، ومحمد بن عمرو ، وهشام بن عروة ، وعدة . وقيل : إنه روى [ ص: 436 ] عن سعيد بن المسيب ، وفيه بعد ، لعله سعيد المقبري ، على أن ذلك في " جامع الترمذي " .

                                                                                      حدث عنه : ابنه محمد بن أبي معشر بالمغازي له ، فكان خاتمة من روى عنه ، والليث بن سعد ; وهشيم ، وسفيان الثوري -مع تقدمه- ووكيع ، ويزيد ، ومحمد بن سواء ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وأنس بن عياض الليثي ، وأبو النضر ، وهوذة ، وعبد الرزاق ، ومحمد بن بكار بن الريان ، وعاصم بن علي ، وسعيد بن منصور ، وأبو نعيم ، وأبو الوليد ، وأبو الربيع الزهراني ، وإسحاق بن الطباع ، ومحمد بن جعفر الوركاني ، وجبارة بن المغلس ، ومنصور بن أبي مزاحم ، وخلق كثير .

                                                                                      قال هشيم : ما رأيت مدنيا أكيس من أبي معشر . وروى أبو زرعة النصري ، عن أبي نعيم ، قال : كان أبو معشر كيسا حافظا . وقال يزيد بن هارون : ثبت حديث أبي معشر ، وذهب حديث أبي جزء نصر .

                                                                                      وقال يزيد : سمعت أبا جزء بن طريف يقول : أبو معشر أكذب من في السماء والأرض . قلت في نفسي : هذا علمك بالأرض ، فكيف علمك بالسماء ؟ فوضع الله أبا جزء ، ورفع أبا معشر . وقال عمرو بن علي : كان يحيى بن سعيد . لا يحدث عن أبي معشر ، ويضعفه ، ويضحك إذا ذكره ، وكان عبد الرحمن يحدث عنه . وقال عبيد الله بن فضالة : سمعت ابن مهدى يقول : أبو معشر ، تعرف [ ص: 437 ] وتنكر وقال أحمد : حديثه عندي مضطرب لا يقيم الإسناد ولكن أكتب حديثه ، أعتبر به

                                                                                      وروى أحمد بن أبي يحيى ، عن أحمد بن حنبل ، قال : يكتب من حديث أبي معشر أحاديثه عن محمد بن كعب ، في التفسير .

                                                                                      وقال عبد الله بن أحمد : سألت أبي عنه ، فقال : صدوق ، لكنه لا يقيم الإسناد ، فسألت ابن معين عنه ، فقال : ليس بقوي . وقال ابن أبي حاتم : سمعت أبي يقول : كان أحمد بن حنبل يرضاه ، ويقول : كان بصيرا بالمغازي .

                                                                                      وقال أبو حاتم : كنت أهاب أحاديثه ، حتى رأيت أحمد بن حنبل يحدث عن رجل ، عنه أحاديث ، فتوسعت بعد في كتابة حديثه وحدثني أبو نعيم عنه بحديث ، رواه عبد الرزاق ، عن الثوري ، عنه ثم قال أبو حاتم : هو صالح ، لين الحديث .

                                                                                      وروى أحمد بن أبي مريم ، عن ابن معين ، قال : هو ضعيف ، يكتب من حديثه الرقاق ، كان رجلا أميا ، يتقى أن يروى من حديثه المسند وروى أحمد بن زهير ، عن يحيى ، قال : أبو معشر ريح ، أبو معشر ليس بشيء وقال البخاري : منكر الحديث . وقال أبو داود والنسائي : ضعيف . [ ص: 438 ] وقال الترمذي : قد تكلم بعض أهل العلم في أبي معشر ، من قبل حفظه . قال محمد : لا أروي عنه شيئا . وقال أبو زرعة : صدوق في الحديث ، ليس بالقوي .

                                                                                      وروى محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن ابن المديني : شيخ ضعيف ضعيف وكان يحدث عن محمد بن قيس ، ويحدث عن محمد بن كعب بأحاديث صالحة ، وكان يحدث عن نافع والمقبري بأحاديث منكرة . وقال الفلاس : ضعيف ، فما روى عن محمد بن قيس ، ومحمد بن كعب ، ومشايخه ، فهو صالح ، وما روى عن المقبري ، ونافع ، وهشام بن عروة ، وابن المنكدر ، رديئة لا تكتب .

                                                                                      وروى أحمد بن أبي خيثمة ، عن محمد بن بكار بن الريان ، قال : كان أبو معشر تغير قبل موته تغيرا شديدا ، حتى كان يخرج منه الريح ، ولا يشعر بها . يحيى بن بكير : عن أبي معشر ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لا أعرفن أحدكم متكئا ، يأتيه الحديث ، من حديثي فيقول : اتل علي قرآنا ، ما أتاكم من خير عني ، قلته ، أو لم أقله ، فأنا أقوله ، وما أتاكم من شر فإني لا أقول الشر هذا منكر بمرة . وله شاهد رواه يحيى بن آدم ، عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري . [ ص: 439 ] قال ابن عدي : حدث عنه الثوري ، والليث ، ومع ضعفه يكتب حديثه .

                                                                                      قال أبو مسهر : كان أبو معشر أسود . وروى داود بن محمد بن أبي معشر : حدثني أبي أن أباه كان أصله من اليمن ، سبي في وقعة يزيد بن المهلب باليمامة والبحرين ، وكان أبيض .

                                                                                      وقال الحسين بن محمد بن أبي معشر : حدثني أبي ، قال : كان اسم أبي معشر قبل أن يسرق : عبد الرحمن بن الوليد بن هلال ، وبيع بالمدينة ، فاشتراه قوم من بني أسد ، فسموه نجيحا ، فاشتري لأم موسى بن المهدي ، فأعتقته ، فصار ميراثه لبني هاشم ، وعقله على حمير ، قال وكان أبو معشر يذكر أنه من ولد حنظلة بن مالك ، وأخبرني أبي ، أنه كان ينتسب حتى يبلغ آدم ، وقال لي : ولاؤنا في بني هاشم أحب إلي من نسبي في بني حنظلة .

                                                                                      الفضل بن هارون البغدادي : سمعت محمد بن أبي معشر يقول : كان أبي سنديا أخرم خياطا . قال : وكيف حفظ المغازي ؟ قال : كان التابعون يجلسون إلى أستاذه ، فكانوا يتذاكرون المغازي ، فحفظ .

                                                                                      وروى داود بن محمد بن أبي معشر ، عن أبيه قال : أشخص المهدي أبا معشر معه من المدينة إلى العراق ، وأمر له بألف دينار ، وذلك سنة ستين ومائة ، [ ص: 440 ] وقال : تكون بحضرتنا ، فتفقه من حولنا . وقال محمد بن سعد : كان مكاتبا لامرأة من بني مخزوم ، فأدى وعتق ، فاشترت أم موسى بنت منصور ولاءه .

                                                                                      مات ببغداد سنة سبعين ومائة وقال داود بن محمد ، عن أبيه : توفي أبو معشر سنة سبعين وكان أزرق سمينا أبيض . وأرخه فيها محمد بن بكار ، في رمضانها .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن هبة الله ، عن عبد المعز بن محمد ، أنبأنا تميم بن أبي سعيد ، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن ، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان ، أنبأنا أبو يعلى التميمي ، حدثنا بشر بن الوليد ، حدثنا أبو معشر المدني ، عن سعيد المقبري ، وموسى بن سعد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لا تقوم الساعة ، حتى يكثر الهرج قالوا : وما الهرج يا رسول الله ؟ قال : القتل . ثلاث مرات .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية