الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب دية الأصابع

                                                                                                                                                                                                        6500 حدثنا آدم حدثنا شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذه وهذه سواء يعني الخنصر والإبهام حدثنا محمد بن بشار حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب دية الأصابع ) أي هل مستوية أو مختلفة؟ .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذه وهذه سواء يعني الخنصر والإبهام ) في رواية النسائي من طريق يزيد بن زريع عن شعبة " الإبهام والخنصر " ، وحذف لفظة " يعني " وزاد في رواية عنه " عشر عشر " ولعلي بن الجعد عن شعبة عن الإسماعيلي : " وأشار إلى الخنصر والإبهام " .

                                                                                                                                                                                                        وللإسماعيلي من طريق عاصم بن علي عن شعبة : " ديتهما سواء " ولأبي داود من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن شعبة " الأصابع والأسنان سواء ، الثنية والضرس سواء " ، ولأبي داود والترمذي من طريق يزيد النحوي عن عكرمة بلفظ " الأسنان والأصابع سواء " ، وفي لفظ " أصابع اليدين والرجلين سواء " .

                                                                                                                                                                                                        وأخرج ابن أبي عاصم من رواية يحيى القطان عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال بعثه مروان إلى ابن عباس يسأله عن الأصابع فقال " قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليد خمسين وكل أصبع عشر " ، وكذا في كتاب عمرو بن حزم عند مالك " في الأصابع عشر عشر " وسأذكر سنده ، ولابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه " الأصابع سواء كلهن فيه عشر عشر من الإبل ، وفرقه أبو داود حديثين وسنده جيد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه ) نزل المصنف في هذا السند درجة من أجل وقوع التصريح فيه بالسماع ، وأما قوله : " نحوه " فقد أخرجه ابن ماجه والإسماعيلي من رواية ابن أبي عدي المذكورة بلفظ " الأصابع سواء " وأخرجاه من رواية ابن أبي عدي أيضا لكن مقرونا به غندر والقطان بلفظ الرواية الأولى ولكن بتقديم الإبهام على الخنصر ، قال الترمذي : العمل على هذا عند أهل العلم ، وبه يقول الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق .

                                                                                                                                                                                                        قلت : وبه قال جميع فقهاء الأمصار ، وكان فيه خلاف قديم فأخرج ابن أبي شيبة من رواية سعيد بن المسيب عن عمر " في الإبهام خمسة عشر وفي السبابة والوسطى عشر عشر وفي البنصر تسع وفي الخنصر ست " ، ومثله عن مجاهد ، وفي " جامع الثوري " عن عمر نحوه وزاد " قال سعيد بن المسيب : حتى وجد عمر في كتاب الديات لعمرو بن حزم في كل إصبع عشر فرجع إليه " .

                                                                                                                                                                                                        قلت : وكتاب عمرو بن حزم أخرجه مالك في الموطإ عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه " أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم في العقول أن في النفس مائة من الإبل " ، وفيه : " وفي اليد خمسون ، وفي الرجل خمسون وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل " ووصله أبو داود في " المراسيل " والنسائي من وجه آخر عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده مطولا ، وصححه ابن [ ص: 236 ] حبان ، وأعله أبو داود والنسائي ، وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن هشام بن عروة عن أبيه " في الإبهام والتي تليها نصف دية اليد ، وفي كل واحدة عشر " .

                                                                                                                                                                                                        وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد نحو أثر عمر إلا أنه قال " في البنصر ثمان وفي الخنصر سبع " ، ومن طريق الشعبي " كنت عند شريح فجاءه رجل فسأله فقال : في كل إصبع عشر ، فقال : سبحان الله هذه وهذه سواء الإبهام والخنصر ، قال : ويحك إن السنة منعت القياس ، اتبع ولا تبتدع " ، وأخرجه ابن المنذر وسنده صحيح ، وأخرج مالك في الموطإ " أن مروان بعث أبا غطفان المزني إلى ابن عباس : ماذا في الضرس؟ فقال : خمس من الإبل ، قال : فردني إليه : أتجعل مقدم الفم مثل الأضراس؟ فقال : لو لم تعتبر ذلك إلا في الأصابع عقلها سواء " ، وهذا يقتضي أن لا خلاف عند ابن عباس ومروان في الأصابع وإلا لكان في القياس المذكور نظر .

                                                                                                                                                                                                        قال الخطابي : هذا أصل في كل جناية لا تضبط كميتها ، فإذا فاق ضبطها من جهة المعنى اعتبرت من حيث الاسم فتتساوى ديتها وإن اختلف حالها ومنفعتها ومبلغ فعلها ، فإن للإبهام من القوة ما ليس للخنصر ومع ذلك فديتهما سواء ، ومثله في الجنين غرة سواء كان ذكرا أو أنثى ، وهكذا القول في الواضح ديتها سواء ولو اختلف في المساحة ، وكذلك الأسنان نفع بعضها أقوى من بعض وديتها سواء نظرا للاسم فقط .

                                                                                                                                                                                                        وما أخرجه مالك في الموطإ عن ربيعة : " سألت سعيد بن المسيب كم في إصبع المرأة؟ قال : عشر ، قلت : ففي إصبعين؟ قال : عشرون ، قلت : ففي ثلاث؟ قال : ثلاثون ، قلت : ففي أربع؟ قال : عشرون .

                                                                                                                                                                                                        قلت : حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها .

                                                                                                                                                                                                        قال : يا ابن أخي هي السنة ، فإنما قال ذلك لأن دية المرأة نصف دية الرجل لكنها عنده تساويه فيما كان قدر ثلث الدية فما دونه ، فإذا زاد على ذلك رجعت إلى حكم النصف .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية