الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 674 ] سنة تسعين ومائة من الهجرة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها خلع رافع بن ليث بن نصر بن سيار نائب سمرقند الطاعة ، ودعا إلى نفسه ، وتابعه أهل بلده وطائفة كثيرة من تلك الناحية ، واستفحل أمره ، فسار إليه نائب خراسان علي بن عيسى ، فهزمه رافع وتفاقم الأمر به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها سار هارون الرشيد لغزو بلاد الروم لعشر بقين من رجب ، وقد لبس على رأسه قلنسوة ، فقال فيها أبو المعلى الكلابي :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فمن يطلب لقاءك أو يرده فبالحرمين أو أقصى الثغور     ففي أرض العدو على طمر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي أرض الترفه فوق كور

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم وصل إلى الطوانة ، فعسكر بها ، فبعث إليه نقفور بالطاعة ، وحمل الخراج والجزية حتى عن رأسه ورأس ولده ، وأهل مملكته - في كل سنة - خمسين ألف دينار ، وبعث يطلب من الرشيد جارية قد أسروها ، كانت ابنة ملك هرقلة ، وكان قد خطبها على ولده ، فبعث بها الرشيد مع هدايا وتحف ، وطيب بعث بطلبه ، واشترط عليه الرشيد أن يحمل في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار ، وأن لا يعمر هرقلة . ثم انصرف الرشيد راجعا ، واستناب على الغزو عقبة بن جعفر . [ ص: 675 ] ونقض أهل قبرس العهد ، فغزاهم معيوف بن يحيى ، فسبى أهلها ، وقتل منهم خلقا كثيرا ، وخرج رجل من عبد القيس ، فبعث إليه الرشيد من قتله ، وحج بالناس في هذه السنة عيسى بن موسى الهادي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية