الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب العزلة راحة من خلاط السوء

                                                                                                                                                                                                        6129 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني عطاء بن يزيد أن أبا سعيد حدثه قال قيل يا رسول الله وقال محمد بن يوسف حدثنا الأوزاعي حدثنا الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي الناس خير قال رجل جاهد بنفسه وماله ورجل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره تابعه الزبيدي وسليمان بن كثير والنعمان عن الزهري وقال معمر عن الزهري عن عطاء أو عبيد الله عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال يونس وابن مسافر ويحيى بن سعيد عن ابن شهاب عن عطاء عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله باب العزلة راحة للمؤمن من خلاط السوء لفظ هذه الترجمة أثر أخرجه ابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات عن عمر أنه قاله لكن في سنده انقطاع وخلاط بضم المعجمة وتشديد اللام للأكثر وهو جمع مستغرب وذكره الكرماني بلفظ " خلط " بغير ألف وهو بضمتين مخففا كذا ذكره الصغاني في " العباب " قال الخطابي : جمع خليط والخليط يطلق على الواحد كقول الشاعر

                                                                                                                                                                                                        بان الخليط ولو طووعت ما بانا

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 339 ] وعلى الجمع كقوله

                                                                                                                                                                                                        إن الخليط أجدوا البين يوم نأوا

                                                                                                                                                                                                        ويجمع أيضا على خلط بضمتين محففا قال الشاعر

                                                                                                                                                                                                        ضربا يفرق بين الجيرة الخلط

                                                                                                                                                                                                        قال والخلاط بالكسر والتخفيف المخالطة قلت فلعله الذي وقع في هذه الترجمة ، ووقع عند الإسماعيلي " خلطا " بدل " خلاط " وأخرجه الخطابي في " كتاب العزلة " بلفظ " خليط " وقال ابن المبارك في " كتاب الرقائق " عن شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم قال قال عمر " خذوا حظكم من العزلة " وما أحسن قول الجنيد نفع الله ببركته " مكابدة العزلة أيسر من مداراة الخلطة " وقال الخطابي : لو لم يكن في العزلة إلا السلامة من الغيبة ومن رؤية المنكر الذي لا يقدر على إزالته لكان ذلك خيرا كثيرا وفي معنى الترجمة ما أخرجه الحاكم من حديث أبي ذر مرفوعا بلفظ الوحدة خير من جليس السوء وسنده حسن لكن المحفوظ أنه موقوف عن أبي ذر أو عن أبي الدرداء . وأخرجه ابن أبي عاصم ثم ذكر في الباب حديثين

                                                                                                                                                                                                        9711 " الأول قوله وقال محمد بن يوسف هو الفريابي وقرنه هنا برواية أبي اليمان وأفردها في الجهاد فساقه على لفظه هناك وقد وصله مسلم عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي عن محمد بن يوسف .

                                                                                                                                                                                                        قوله جاء أعرابي تقدم في أوائل الجهاد أني لم أقف على اسمه وأن أبا ذر سأل عن ذلك لكن لا يحسن أن يقال في حقه أعرابي

                                                                                                                                                                                                        قوله أي الناس خير تقدم في الجهاد بلفظ " أفضل " وسأذكر له ألفاظا أخرى

                                                                                                                                                                                                        قوله قال رجل جاهد ) هذا لا ينافي جوابه الآخر الماضي في الإيمان " من سلم الناس من لسانه ويده ، ولا غير ذلك من الأجوبة المختلفة لأن الاختلاف في ذلك بحسب اختلاف الأشخاص والأحوال والأوقات كما تقدم تقريره وقد تقدم شرح هذا الحديث في الجهاد

                                                                                                                                                                                                        قوله ورجل في شعب من الشعاب إلخ هو محمول على من لا يقدر على الجهاد فيستحب في حقه العزلة ليسلم ويسلم غيره منه والذي يظهر أنه محمول على ما بعد عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقوله " يعبد ربه " زاد مسلم من وجه آخر ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة حتى يأتيه اليقين ليس من الناس إلا في خير وللنسائي من حديث ابن عباس رفعه ألا أخبركم بخير الناس ؟ رجل ممسك بعنان فرسه الحديث وفيه ألا أخبركم بالذي يتلوه ؟ رجل معتزل في غنيمة يؤدي حق الله فيها وأخرجه الترمذي واللفظ له وقال حسن وقوله هنا " تابعه النعمان " هو ابن راشد الجزري ، ومتابعته وصلها أحمد عن وهب بن جرير حدثنا أبي سمعت النعمان بن راشد به

                                                                                                                                                                                                        قوله : والزبيدي هو محمد بن الوليد الشامي ، وطريقه وصلها مسلم أيضا من رواية يحيى بن حمزة عنه

                                                                                                                                                                                                        قوله : وسليمان بن كثير هو العبدي وطريقه وصلها أبو داود عن أبي الوليد الطيالسي عنه بلفظ " سئل أي المؤمنين أكمل إيمانا "

                                                                                                                                                                                                        قوله وقال معمر عن الزهري عن عطاء أو عبيد الله هو ابن عبد الله بن عتبة كذا بالشك وكذا أخرجه أحمد عن عبد الرزاق وقال في سياقه " معمر يشك " وقد أخرجه مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق عن معمر فقال " عن عطاء " بغير شك وكذا وقع لنا بعلو في مسند عبد بن حميد ولم يشك

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 340 ] قوله وقال يونس ) هو ابن يزيد الأيلي وطريقه وصلها الذهلي في " الزهريات " وأخرجه ابن وهب في جامعه عن يونس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : وابن مسافر ) هو عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، وطريقه وصلها الذهلي في " الزهريات " من طريق الليث بن سعد عنه

                                                                                                                                                                                                        قوله : ويحيى بن سعيد هو الأنصاري ، وطريقه وصلها الذهلي أيضا من طريق سليمان بن بلال عنه

                                                                                                                                                                                                        قوله عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا لا يخالف الرواية الأولى لأن الذي حفظ اسم الصحابي مقدم على من أبهمه وقد بينت لفظ معمر ولفظ الزبيدي في كتاب الجهاد




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية