الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنة

                                                                                                                                                                                                        6026 حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن عبد العزيز عن أنس قال كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ربنا آتنا في الدنيا حسنة ) كذا ذكره بلفظ الآية 9558 وأورد الحديث من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس بلفظ " كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - اللهم آتنا إلى آخر الآية " وقد أورده في تفسير البقرة عن أبي معمر عن عبد الوارث بسنده هذا ولكن لفظه " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول " وللباقي مثله وأخرجه مسلم من طريق إسماعيل بن علية عن عبد العزيز قال " سأل قتادة أنسا أي دعوة كان يدعو بها النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر ؟ قال اللهم آتنا في الدنيا حسنة إلى آخره . قال وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها " وهذا الحديث سمعه شعبة من إسماعيل بن علية عن عبد العزيز عن أنس مختصرا رواه عنه يحيى بن أبي بكير قال فلقيت إسماعيل فحدثني به فذكره كما عند مسلم وأورده مسلم من طريق شعبة عن ثابت عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة الآية وهذا مطابق للترجمة وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي نعيم حدثنا عبد السلام أبو طالوت " كنت عند أنس فقال له ثابت : إن إخوانك يسألونك أن تدعو لهم فقال اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار فذكر القصة وفيها إذا آتاكم الله ذلك فقد آتاكم الخير كله " قال عياض إنما كان يكثر الدعاء بهذه الآية لجمعها معاني الدعاء كله من أمر الدنيا والآخرة قال والحسنة عندهم هاهنا النعمة فسأل نعيم الدنيا والآخرة والوقاية من العذاب نسأل الله - تعالى - أن يمن علينا بذلك ودوامه قلت قد اختلفت عبارات السلف في تفسير الحسنة فعن الحسن قال هي العلم والعبادة في الدنيا أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح وعنه بسند ضعيف الرزق الطيب والعلم النافع وفي الآخرة الجنة وتفسير الحسنة في الآخرة بالجنة نقله ابن أبي حاتم أيضا عن السدي ومجاهد وإسماعيل بن أبي خالد ومقاتل بن حيان وعن ابن الزبير يعملون في دنياهم لدنياهم وآخرتهم وعن قتادة هي العافية في الدنيا والآخرة وعن محمد بن كعب القرظي الزوجة الصالحة من الحسنات ونحوه عن يزيد بن أبي مالك وأخرج ابن المنذر من طريق سفيان الثوري قال الحسنة في الدنيا الرزق الطيب والعلم وفي الآخرة الجنة ومن طريق سالم بن عبد الله بن عمر قال الحسنة في الدنيا المنى ومن طريق [ ص: 196 ] السدي ، قال : المال ونقل الثعلبي عن السدي ومقاتل : حسنة الدنيا الرزق الحلال الواسع والعمل الصالح وحسنة الآخرة المغفرة والثواب وعن عطية : حسنة الدنيا العلم والعمل به وحسنة الآخرة تيسير الحساب ودخول الجنة . وبسنده عن عوف قال من آتاه الله الإسلام والقرآن والأهل والمال والولد فقد آتاه في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة . ونقل الثعلبي عن سلف الصوفية أقوالا أخرى متغايرة اللفظ متوافقة المعنى حاصلها السلامة في الدنيا وفي الآخرة واقتصر الكشاف على ما نقله الثعلبي عن علي أنها في الدنيا المرأة الصالحة وفي الآخرة الحوراء وعذاب النار المرأة السوء . وقال الشيخ عماد الدين بن كثير : الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ودار رحبة وزوجة حسنة وولد بار ورزق واسع وعلم نافع وعمل صالح ومركب هنيء وثناء جميل إلى غير ذلك مما شملته عباراتهم فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا وأما الحسنة في الآخرة فأعلاها دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة وأما الوقاية من عذاب النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا من اجتناب المحارم وترك الشبهات قلت أو العفو محضا ومراده بقوله وتوابعه ما يلتحق به في الذكر لا ما يتبعه حقيقة




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية