الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب التعوذ من غلبة الرجال

                                                                                                                                                                                                        6002 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب أنه سمع أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة التمس لنا غلاما من غلمانكم يخدمني فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه فكنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما نزل فكنت أسمعه يكثر أن يقول اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال فلم أزل أخدمه حتى أقبلنا من خيبر وأقبل بصفية بنت حيي قد حازها فكنت أراه يحوي وراءه بعباءة أو كساء ثم يردفها وراءه حتى إذا كنا بالصهباء صنع حيسا في نطع ثم أرسلني فدعوت رجالا فأكلوا وكان ذلك بناءه بها ثم أقبل حتى إذا بدا له أحد قال هذا جبيل يحبنا ونحبه فلما أشرف على المدينة قال اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم به إبراهيم مكة اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        9514 قوله باب التعوذ من غلبة الرجال ) ذكر فيه حديث أنس في قصة خيبر وذكر صفية بنت حيي وتقدم شرح ذلك في المغازي وغيرها وسيأتي منه التعوذ مفردا بعد أبواب

                                                                                                                                                                                                        قوله فكنت أسمعه يكثر أن يقول استدل به على أن هذه الصيغة لا تدل على الدوام ولا الإكثار وإلا لما كان لقوله : يكثر " فائدة وتعقب بأن المراد بالدوام أعم من الفعل والقوة ويظهر لي أن الحاصل أنه لم يعرف لذلك مزيلا ويفيد قوله " يكثر " وقوع ذلك من فعله كثيرا

                                                                                                                                                                                                        قوله من الهم والحزن إلى قوله والجبن يأتي شرحه قريبا

                                                                                                                                                                                                        قوله وضلع الدين أصل الضلع وهو بفتح المعجمة واللام الاعوجاج يقال ضلع بفتح اللام يضلع أي [ ص: 178 ] مال والمراد به هنا ثقل الدين وشدته وذلك حيث لا يجد من عليه الدين وفاء ولا سيما مع المطالبة وقال بعض السلف ما دخل هم الدين قلبا إلا أذهب من العقل ما لا يعود إليه

                                                                                                                                                                                                        قوله وغلبة الرجال ) أي شدة تسلطهم كاستيلاء الرعاع هرجا ومرجا قال الكرماني هذا الدعاء من جوامع الكلم ; لأن أنواع الرذائل ثلاثة نفسانية وبدنية وخارجية فالأولى بحسب القوى التي للإنسان وهي ثلاثة العقلية والغضبية والشهوانية فالهم والحزن يتعلق بالعقلية والجبن بالغضبية والبخل بالشهوانية والعجز والكسل بالبدنية والثاني يكون عند سلامة الأعضاء وتمام الآلات والقوى والأول عند نقصان عضو ونحوه والضلع والغلبة بالخارجية فالأول مالي والثاني جاهي والدعاء مشتمل على جميع ذلك




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية