الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قول الله تعالى وصل عليهم ومن خص أخاه بالدعاء دون نفسه وقال أبو موسى قال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لعبيد أبي عامر اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه

                                                                                                                                                                                                        5972 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة حدثنا سلمة بن الأكوع قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر قال رجل من القوم أيا عامر لو أسمعتنا من هنيهاتك فنزل يحدو بهم يذكر

                                                                                                                                                                                                        تالله لولا الله ما اهتدينا

                                                                                                                                                                                                        وذكر شعرا غير هذا ولكني لم أحفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا السائق قالوا عامر بن الأكوع قال يرحمه الله وقال رجل من القوم يا رسول الله لولا متعتنا به فلما صاف القوم قاتلوهم فأصيب عامر بقائمة سيف نفسه فمات فلما أمسوا أوقدوا نارا كثيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذه النار على أي شيء توقدون قالوا على حمر إنسية فقال أهريقوا ما فيها وكسروها قال رجل يا رسول الله ألا نهريق ما فيها ونغسلها قال أو ذاك

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        9467 قوله باب قول الله تبارك وـ تعالى - : وصل عليهم كذا للجمهور ووقع في بعض النسخ زيادة : إن صلاتك سكن لهم ، واتفقوا على أن المراد بالصلاة هنا الدعاء وثالث أحاديث الباب يفسر ذلك وتقدم في السورة قريبا من هذه الآية قوله - تعالى - ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول وفسرت الصلوات هنا أيضا بالدعوات لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو لمن يتصدق

                                                                                                                                                                                                        قوله ومن خص أخاه بالدعاء دون نفسه في هذه الترجمة إشارة إلى رد ما جاء عن ابن عمر : أخرج ابن أبي شيبة والطبري من طريق سعيد بن يسار قال ذكرت رجلا عند ابن عمر فترحمت عليه فلهز في صدري وقال لي ابدأ بنفسك وعن إبراهيم النخعي : كان يقال إذا دعوت فابدأ بنفسك فإنك لا تدري في أي دعاء [ ص: 141 ] يستجاب لك وأحاديث الباب ترد على ذلك ويؤيدها ما أخرجه مسلم وأبو داود من طريق طلحة بن عبد الله بن كريز عن أم الدرداء عن أبي الدرداء رفعه ما من مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك مثل ذلك وأخرج الطبري من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رفعه خمس دعوات مستجابات وذكر فيها " ودعوة الأخ لأخيه " وأخرجه أيضا هكذا استدل بهما ابن بطال ، وفيه نظر لأن الدعاء لظهر الغيب ودعاء الأخ لأخيه أعم من أن يكون الداعي خصه أو ذكر نفسه معه وأعم من أن يكون بدأ به أو بدأ بنفسه وأما ما أخرجه الترمذي من حديث أبي بن كعب رفعه " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه " وهو عند مسلم في أول قصة موسى والخضر ولفظه " وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه " ويؤيد هذا القيد أنه - صلى الله عليه وسلم - دعا لغير نبي فلم يبدأ بنفسه كقوله في قصة هاجر الماضية في المناقب يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت عينا معينا وقد تقدم حديث أبي هريرة اللهم أيده بروح القدس يريد حسان بن ثابت وحديث ابن عباس اللهم فقهه في الدين وغير ذلك من الأمثلة مع أن الذي جاء في حديث أبي لم يطرد فقد ثبت أنه دعا لبعض الأنبياء فلم يبدأ بنفسه كما مر في المناقب من حديث أبي هريرة يرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد وقد أشار المصنف إلى الأول بسادس أحاديث الباب وإلى الثاني بالذي بعده وذكر المصنف فيه سبعة أحاديث

                                                                                                                                                                                                        قوله وقال أبو موسى : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - اللهم اغفر لعبيد أبي عامر اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه هذا طرف من حديث لأبي موسى تقدم بطوله موصولا في غزوة أوطاس من المغازي وفيه قصة قتل أبي عامر وهو عم أبي موسى الأشعري ، وفيه قول أبي موسى للنبي - صلى الله عليه وسلم - " إن أبا عامر قال له قل للنبي - صلى الله عليه وسلم - استغفر لي قال فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال اللهم اغفر لعبيد أبي عامر وفيه " فقلت ولي فاستغفر ، فقال اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما .

                                                                                                                                                                                                        9468 قوله : يحيى هو ابن سعيد القطان .

                                                                                                                                                                                                        قوله خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر فقال رجل من القوم هو عمر بن الخطاب وعامر هو ابن الأكوع عم سلمة راوي الحديث وقد تقدم بيان ذلك كله في غزوة خيبر من كتاب المغازي وسبب قول عمر " لولا متعتنا به " وأن ذلك ورد مصرحا به في صحيح مسلم ، وأما ابن عبد البر فأورده مورد الاستقراء فقال " كانوا عرفوا أنه ما استرحم لإنسان قط في غزاة تخصه إلا استشهد فلذا قال عمر لولا أمتعتنا بعامر " قوله وذكر شعرا غير هذا ولكني لم أحفظه ) تقدم بيانه في المكان المذكور من طريق حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد ويعرف منه أن القائل " وذكر شعرا " هو يحيى بن سعيد راويه وأن الذاكر هو يزيد بن أبي عبيد . وقوله : من هناتك " بفتح الهاء والنون جمع هنة ويروى " هنيهاتك وهنياتك " والمراد الأراجيز القصار وتقدم شرح الحديث مستوفى هناك

                                                                                                                                                                                                        قوله ( فلما أمسوا أوقدوا نارا كثيرة ) الحديث في قصة الحمر الأهلية في رواية حاتم بن إسماعيل " فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم فيه " يعني خيبر وذكر الحديث بطوله وقد تقدم شرحه




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية