الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الثانية :

                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين } .

                                                                                                                                                                                                              فيها خمس مسائل :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : روى { ابن عباس : لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان أنه مقبل من الشام ندب المسلمين إليهم ، وقال : هذه عير قريش فيها الأموال ، فاخرجوا إليها لعل الله أن ينفلكموها فانتدب الناس ، فخف بعضهم ، وثقل بعضهم ; لأنهم لم يظنوا أن رسول الله يلقى حربا ، وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتجسس الأخبار ، ويسأل من لقي من الركبان ; تخوفا على أموال الناس حتى أصاب خبرا من بعض الركبان أن محمدا قد استنفر لك ، فحذر عند ذلك واستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري ، وبعثه إلى مكة ، وأمره أن يأتي قريشا يستنفرهم إلى أموالهم ، ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في أصحابه . فمضى ضمضم ، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه وأتاه الخبر عن قريش بخروجهم ليمنعوا عيرهم ، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس ، وأخبرهم عن قريش ، فقام أبو بكر فقال فأحسن ، وقام عمر فقال فأحسن ، ثم قام المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله ; امض لما أمرك الله فنحن معك ، والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون ، والذي بعثك بالحق لو سرت إلى برك الغماد يعني مدينة الحبشة لجالدنا معك من دونه . [ ص: 383 ] ثم قال الأنصار بعد : أن امض يا رسول الله لما أمرت ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك . فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى التقى بالمشركين ببدر ، فمنعوا الماء ، والتقوا ، ونصر الله النبي وأصحابه ، فقتل من المشركين سبعين وأسر منهم سبعين ، وغنم المسلمون ما كان معهم . }

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : روى عكرمة عن ابن عباس قال : { قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم حين فرغ من بدر : عليك بالعير ليس دونها شيء . فناداه العباس وهو في الأسرى : لا يصلح هذا . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : لم ؟ قال : لأن الله وعدك إحدى الطائفتين ، وقد أعطاك ما وعدك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : صدقت . وعلم ذلك العباس من تحدث أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بما كان من شأن بدر ، فسمع ذلك في أثناء الحديث . }

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية