الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب ائتمام المأموم بالإمام

                                                                                                                411 حدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب وأبو كريب جميعا عن سفيان قال أبو بكر حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري قال سمعت أنس بن مالك يقول سقط النبي صلى الله عليه وسلم عن فرس فجحش شقه الأيمن فدخلنا عليه نعوده فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدا فصلينا وراءه قعودا فلما قضى الصلاة قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا سجد فاسجدوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال خر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرس فجحش فصلى لنا قاعدا ثم ذكر نحوه حدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صرع عن فرس فجحش شقه الأيمن بنحو حديثهما وزاد فإذا صلى قائما فصلوا قياما حدثنا ابن أبي عمر حدثنا معن بن عيسى عن مالك بن أنس عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فرسا فصرع عنه فجحش شقه الأيمن بنحو حديثهم وفيه إذا صلى قائما فصلوا قياما حدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري أخبرني أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم سقط من فرسه فجحش شقه الأيمن وساق الحديث وليس فيه زيادة يونس ومالك [ ص: 99 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 99 ] فيه أنس - رضي الله عنه - قال : سقط النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فرس فجحش شقه الأيمن فدخلنا عليه نعوده فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدا فصلينا وراءه قعودا فلما قضى الصلاة قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا سجد فاسجدوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال : سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا ولك الحمد ، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون وفي رواية : فإذا صلى قائما فصلوا قياما [ ص: 100 ] وفي رواية عائشة - رضي الله عنها - صلى جالسا فصلوا بصلاته قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا وذكر أحاديث أخر بمعناه .

                                                                                                                قوله : ( جحش ) هو بجيم مضمومة ثم حاء مهملة مكسورة أي خدش .

                                                                                                                ( وقوله : فحضرت الصلاة ) ظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم صلاة مكتوبة . وفي جواز الإشارة والعمل القليل في الصلاة للحاجة . وفي متابعة الإمام في الأفعال والتكبير .

                                                                                                                وقوله : ( ربنا ولك الحمد ) كذا وقع هنا ولك الحمد بالواو ، وفي روايات بحذفها وقد سبق أنه يجوز الأمران وفيه وجوب متابعة المأموم لإمامه في التكبير والقيام والقعود والركوع والسجود ، وأنه يفعلها بعد المأموم فيكبر تكبيرة الإحرام بعد فراغ الإمام منها ، فإن شرع فيها قبل فراغ الإمام منها لم تنعقد صلاته ، ويركع بعد شروع الإمام في الركوع وقبل رفعه منه ، فإن قارنه أو سبقه فقد أساء ، ولكن لا تبطل صلاته ، وكذا السجود ، ويسلم بعد فراغ الإمام من السلام ، فإن سلم قبله بطلت صلاته إلا أن ينوي المفارقة ففيه خلاف مشهور ، وإن سلم معه لا قبله ولا بعده فقد أساء ولا تبطل صلاته على الصحيح ، وقيل : تبطل .

                                                                                                                وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : وإذا صلى [ ص: 101 ] قاعدا فصلوا قعودا فاختلف العلماء فيه فقالت طائفة بظاهره . وممن قال به أحمد بن حنبل والأوزاعي رحمهما الله تعالى ، وقال مالك - رحمه الله تعالى - في رواية : لا يجوز صلاة القادر على القيام خلف القاعد لا قائما ولا قاعدا ، وقال أبو حنيفة والشافعي وجمهور السلف - رحمهم الله تعالى - : لا يجوز للقادر على القيام أن يصلي خلف القاعد إلا قائما واحتجوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في مرض وفاته بعد هذا قاعدا وأبو بكر - رضي الله عنه - والناس خلفه قياما وإن كان بعض العلماء زعم أن أبا بكر [ ص: 102 ] - رضي الله عنه - كان هو الإمام والنبي - صلى الله عليه وسلم - مقتد به لكن الصواب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هو الإمام وقد ذكره مسلم بعد هذا الباب صريحا أو كالصريح فقال في روايته عن أبي بكر بن أبي شيبة بإسناده عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس عن يسار أبي بكر ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس جالسا وأبو بكر قائما يقتدي أبو بكر بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر .

                                                                                                                وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : إنما جعل الإمام ليؤتم به فمعناه عند الشافعي وطائفة في الأفعال الظاهرة وإلا فيجوز أن يصلي الفرض خلف النفل وعكسه ، والظهر خلف العصر ، وقال مالك وأبو حنيفة - رضي الله عنهما - وآخرون : لا يجوز ذلك . وقالوا : معنى الحديث ليؤتم به في الأفعال والنيات ، ودليل الشافعي - رضي الله عنه - وموافقيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه ببطن نخل صلاة الخوف مرتين بكل فرقة مرة ، فصلاته الثانية وقعت له نفلا وللمقتدين فرضا . وأيضا حديث معاذ كان يصلي العشاء مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يأتي قومه فيصليها بهم هي له تطوع ولهم فريضة . مما يدل على أن الائتمام إنما يجب في الأفعال الظاهرة .

                                                                                                                قوله : ( - صلى الله عليه وسلم - ) في رواية جابر - رضي الله عنه - : ائتموا بأئمتكم إن صلى قائما فصلوا قياما وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا والله أعلم .



                                                                                                                الخدمات العلمية