الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 58 ] [ ص: 59 ] [ ص: 60 ] حرف الجيم

                                                          الجيم من الحروف المجهورة ، وهي ستة عشر حرفا ، وهي أيضا من الحروف المحقورة ، وهي : القاف والجيم والطاء والدال والباء ، يجمعها قولك : " جد قطب " سميت بذلك لأنها تحقر في الوقف ، وتضغط عن مواضعها ، وهي حروف القلقلة ; لأنك لا تستطيع الوقوف عليها إلا بصوت ، وذلك لشدة الحقر والضغط ، وذلك نحو الحق ، واذهب ، واخرج . وبعض العرب أشد تصويتا من بعض ، والجيم والشين والضاد ثلاثة في حيز واحد ، وهي من الحروف الشجرية ، والشجر مفرج الفم ، ومخرج الجيم والقاف والكاف بين عكدة اللسان ، وبين اللهاة في أقصى الفم . وقال أبو عمرو بن العلاء : بعض العرب يبدل الجيم من الياء المشددة . قال : وقلت لرجل من حنظلة : ممن أنت ؟ فقال : فقيمج . فقلت : من أيهم ؟ قال : مرج ، يريد فقيمي مري ; وأنشد لهميان بن قحافة السعدي :


                                                          يطير عنها الوبر الصهابجا

                                                          قال : يريد الصهابيا ، من الصهبة ; وقال خلف الأحمر : أنشدني رجل من أهل البادية :


                                                          خالي عويف وأبو علج


                                                          المطعمان اللحم بالعشج


                                                          وبالغداة كسر البرنج

                                                          يريد عليا ، والعشي ، والبرني . قال : وقد أبدلوها من الياء المخففة أيضا ; وأنشد أبو زيد :


                                                          يا رب إن كنت قبلت حجتج


                                                          فلا يزال شاحج يأتيك بج


                                                          أقمر نهاز ينزي وفرتج

                                                          وأنشد أيضا :


                                                          حتى إذا ما أمسجت وأمسجا

                                                          يريد أمست وأمسى ، قال : وهذا كله قبيح ; قال أبو عمر الجرمي : ولو رده إنسان لكان مذهبا ; قال محمد بن المكرم : أمست وأمسى ليس فيهما ياء ظاهرة ينطق بها ، وقوله : أمسجت وأمسجا ، يقتضي أن يكون الكلام أمسيت وأمسيا ، وليس النطق كذلك ، ولا ذكر أيضا أنهم يبدلونها في التقدير المعنوي ، وفي هذا نظر . والجيم حرف هجاء ، وهي من الحروف التي تؤنث ، ويجوز تذكيرها . وقد جيمت جيما إذا كتبتها . ‏قال الجوهري : الجيم والقاف لا يجتمعان في كلمة واحدة من كلام العرب إلا أن يكون معربا أو حكاية صوت مثل كلمات ذكرها هو في موضع واحد ، ونفرقها نحن هنا بتراجم في أماكنها ، ونشرح فيها ما ذكره هو وغيره ; وقال ابن بري : قال أبو منصور الجواليقي في المعرب : لم تجتمع الجيم والقاف في كلمة عربية إلا بفاصل نحو جلوبق وجرندق ، وقال الليث : القاف والجيم جاءتا في حروف كثيرة ، أكثرها معرب ، قال : وأهملا مع الشين والصاد والضاد واستعملا مع السين في الجوسق خاصة ، وهو دخيل معرب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية