الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ليس الواصل بالمكافئ

                                                                                                                                                                                                        5645 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش والحسن بن عمرو وفطر عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال سفيان لم يرفعه الأعمش إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورفعه حسن وفطر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب ليس الواصل بالمكافئ ) التعريف فيه للجنس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سفيان ) هو الثوري ; والحسن بن عمرو الفقيمي بفاء وقاف مصغر ، وفطر بكسر الفاء وسكون المهملة ثم راء هو ابن خليفة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن مجاهد ) أي الثلاثة عن مجاهد ، وعبد الله بن عمرو هو ابن العاص ، وقوله : " قال سفيان " هو الراوي ، وهو موصول بهذا الإسناد . وقوله : " لم يرفعه الأعمش ورفعه حسن وفطر " هذا هو المحفوظ عن الثوري ، وأخرجه الإسماعيلي من رواية محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان الثوري عن الحسن بن عمرو وحده مرفوعا من رواية مؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن الحسن بن عمرو موقوفا وعن الأعمش مرفوعا ، وتابعه أبو قرة موسى بن طارق عن الثوري على رفع رواية الأعمش ، وخالفه عبد الرزاق عن الثوري فرفع رواية الحسن بن عمرو وهو المعتمد ، ولم يختلفوا في أن رواية فطر بن خليفة مرفوعة . وقد أخرجه الترمذي من طريق سفيان بن عيينة عن فطر وبشير بن إسماعيل كلاهما عن مجاهد مرفوعا ، وأخرجه أحمد عن جماعة من شيوخه عن فطر مرفوعا وزاد في أول الحديث : إن الرحم معلقة بالعرش ، وليس الواصل بالمكافئ الحديث .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ليس الواصل بالمكافئ ) أي الذي يعطي لغيره نظير ما أعطاه ذلك الغير ، وقد أخرج عبد الرزاق عن عمر موقوفا ليس الوصل أن تصل من وصلك ، ذلك القصاص ، ولكن الوصل أن تصل من قطعك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ولكن ) قال الطيبي الرواية فيه بالتشديد ويجوز التخفيف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ) أي الذي إذا منع أعطى ، و " قطعت " ضبطت في بعض الروايات بضم أوله وكسر ثانيه على البناء للمجهول ، وفي أكثرها بفتحتين ، قال الطيبي : المعنى ليست حقيقة الواصل ومن يعتد بصلته من يكافئ صاحبه بمثل فعله ، ولكنه من يتفضل على صاحبه . وقال شيخنا في " شرح الترمذي " المراد بالواصل في هذا الحديث الكامل ، فإن في المكافأة نوع صلة ، بخلاف من إذا وصله قريبه لم يكافئه فإن فيه قطعا بإعراضه عن ذلك ، وهو من قبيل ليس الشديد بالصرعة ، وليس الغنى عن كثرة العرض انتهى . وأقول : لا يلزم من نفي الوصل ثبوت القطع فهم ثلاث درجات : واصل ومكافئ وقاطع ، فالواصل من يتفضل ولا يتفضل عليه ، والمكافئ الذي لا يزيد في الإعطاء على ما يأخذ ، والقاطع الذي يتفضل عليه ولا يتفضل . وكما تقع المكافأة بالصلة من الجانبين كذلك يقع بالمقاطعة من الجانبين ، فمن بدأ حينئذ فهو الواصل ، فإن جوزي سمي من جازاه مكافئا ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية