الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإذا فرغ من الحج استحب له زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة قبر صاحبيه رضي الله عنهما .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإذا فرغ من الحج استحب له زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم ) لما روى ابن عمر أن [ ص: 259 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من زار قبري وجبت له شفاعتي . رواه الدارقطني من طرق ، وروي أيضا عن ابن عمر مرفوعا : من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي وفي رواية وصحبني ، فظاهره أنه بعد الرجوع مطلقا ، لكن نقل أبو طالب إذا حج للفرض لم يمر بالمدينة ; لأنه إن حدث به حدث الموت كان في سبيل الحج ، وإن كان تطوعا بدأ بالمدينة فيسلم عليه ، لما روى أبو داود عن أبي هريرة مرفوعا : ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام . وظاهره أن هذه الفضيلة تحصل لكل مسلم قريبا كان أو بعيدا ، لكن قال أحمد في رواية عبد الله ، عن يزيد بن قسيط ، عن أبي هريرة مرفوعا : ما من أحد يسلم علي عند قبري فهذه الزيادة مقتضاها التخصيص ، وروي عن العتبي قال : كنت جالسا عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء أعرابي فقال : السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما [ النساء : 64 ] وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي .

                                                                                                                          ثم أنشد يقول :


                                                                                                                          يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
                                                                                                                          فيه العفاف ، وفيه الجود ، والكرم

                                                                                                                          .

                                                                                                                          ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فنمت فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا عتبي الحق الأعرابي ، وبشره أن الله قد غفر له ويكون في سلامه مستقبلا له لا للقبلة ، ثم يستقبلها ، ويجعل الحجرة عن يساره ، ويدعو ، وفي " المستوعب " وغيره أنه يستقبله ، ويدعو . وظاهره قرب من الحجرة أو بعد منها ، ولا يستحب تمسحه [ ص: 260 ] بحائط القبر ، نقل أبو الحارث : يدنو منه ، ولا يتمسح به يقوم حذاءه ، فيسلم ، لفعل ابن عمر ، وعنه : بلى ، ورخص في المنبر ; لأنه كان يرتقي عليه ( وزيارة قبر صاحبيه ) أبي بكر ، وعمر ( رضي الله عنهما ) بعد الفراغ من السلام على سيد البشر ، يتقدم قليلا فيقول : السلام عليك يا أبا بكر الصديق السلام عليك يا عمر الفاروق السلام عليكما يا صاحبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضجيعيه ووزيريه ورحمة الله ، وبركاته اللهم اجزهما عن نبيهما ، وعن الإسلام خيرا ، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ، اللهم لا تجعله آخر العهد من قبر نبيك - صلى الله عليه وسلم - ، ومن مسجدك يا أرحم الراحمين .

                                                                                                                          أصل : لا ترفع الأصوات عند حجرته - عليه السلام - كما لا يرفع فوق صوته ; لأنه في التوقير ، والحرمة كحياته . وظاهر كلام جماعة أن هذا أدب مستحب ، وليس بواجب خلافا لبعض العلماء .




                                                                                                                          الخدمات العلمية