الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ، أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يذكر في الكتاب وهو هذا القرآن العظيم ) جده إسماعيل ( ، وأثنى عليه - أعني إسماعيل - بأنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ، ومما يبين من القرآن شدة صدقه في وعده : أنه وعد أباه بصبره له على ذبحه ثم وفى بهذا الوعد ، ومن وفى بوعده في تسليم نفسه للذبح فإن ذلك من أعظم الأدلة على عظيم صدقه في وعده ، قال تعالى : فلما بلغ معه السعي قال يابني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال ياأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فهذا وعده .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد بين تعالى وفاءه به في قوله : فلما أسلما وتله للجبين الآية [ 37 \ 103 ] ، والتحقيق أن الذبيح هو إسماعيل ، وقد دلت على ذلك آيتان من كتاب الله تعالى دلالة واضحة لا لبس فيها ، وسنوضح ذلك إن شاء الله غاية الإيضاح في سورة " الصافات " ، وثناؤه جل وعلا في هذه الآية الكريمة على نبيه إسماعيل بصدق الوعد يفهم من دليل خطابه أعني مفهوم مخالفته أن إخلاف الوعد مذموم ، وهذا المفهوم قد جاء مبينا في مواضع أخر من كتاب الله تعالى ، كقوله تعالى : فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون [ 9 \ 77 ] ، وقوله : ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون [ 61 \ 2 - 3 ] ، إلى غير ذلك من الآيات ، وفي الحديث : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى في هذه الآية : وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة [ 19 \ 55 ] ، قد بين في مواضع أخر أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك الذي أثنى الله به على جده إسماعيل ، كقوله تعالى : وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها الآية [ 20 \ 132 ] ، ومعلوم أنه امتثل [ ص: 438 ] هذا الأمر ، وكقوله : ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا الآية [ 66 \ 6 ] ، ويدخل في ذلك أمرهم أهليهم بالصلاة والزكاة ، إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية