الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب وقت العشاء إلى نصف الليل وقال أبو برزة كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب تأخيرها

                                                                                                                                                                                                        546 حدثنا عبد الرحيم المحاربي قال حدثنا زائدة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال أخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل ثم صلى ثم قال قد صلى الناس وناموا أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها وزاد ابن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب حدثني حميد سمع أنس بن مالك قال كأني أنظر إلى وبيص خاتمه ليلتئذ

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب وقت العشاء إلى نصف الليل ) في هذه الترجمة حديث صريح أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في بيان أول الأوقات وآخرها وفيه " فإذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل " . قال النووي : معناه وقت لأدائها اختيارا ، وأما وقت الجواز فيمتد إلى طلوع الفجر ، لحديث أبي قتادة عند مسلم " إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى " . وقال الإصطخري إذا ذهب نصف الليل صارت قضاء . قال : ودليل الجمهور حديث أبي قتادة المذكور .

                                                                                                                                                                                                        قلت : وعموم حديث أبي قتادة مخصوص بالإجماع في الصبح ، وعلى قول الشافعي الجديد في المغرب فللإصطخري أن يقول إنه مخصوص بالحديث المذكور وغيره من الأحاديث في العشاء والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال أبو برزة ) هو طرف من حديثه المتقدم في " باب وقت العصر " وليس فيه تصريح بقيد نصف الليل ، لكن أحاديث التأخير والتوقيت لما جاءت مرة مقيدة بالثلث وأخرى بالنصف كان النصف غاية التأخير ، ولم أر في امتداد وقت العشاء إلى طلوع الفجر حديثا صريحا يثبت .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا عبد الرحيم المحاربي ) كذا لأبي ذر ، وقع لأبي الوقت وغيره عبد الرحيم بغير صيغة [ ص: 63 ] أداء ، وهو عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن محمد المحاربي الكوفي ، يكنى أبا زياد ، وهو من قدماء شيوخ البخاري ، وليس له في الصحيح عنه غير هذا الحديث الواحد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( صلاة العشاء ) زاد مسلم " ليلة " وفيه إشعار بأنه لم يكن يواظب على ذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قد صلى الناس ) أي المعهودون ممن صلى من المسلمين إذ ذاك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وزاد ابن أبي مريم ) يعني سعيد بن الحكم المصري ، ومراده بهذا التعليق بيان سماع حميد للحديث من أنس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كأني أنظر إلخ ) الجملة في موضع المفعول لقوله " زاد " . وقد وقع لنا هذا التعليق موصولا عاليا من طريق أبي طاهر المخلص في الجزء الأول من فوائده ، قال : حدثنا البغوي حدثنا أحمد بن منصور حدثنا ابن أبي مريم بسنده وأوله " سأل أنس : هل اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتما ؟ قال : نعم ، أخر العشاء " فذكره ، وفي آخره " وكأني أنظر إلى وبيص خاتمه ليلتئذ " الوبيص بالموحدة والصاد المهملة : البريق ، وسيأتي الكلام على فضل انتظار الصلاة في أبواب الجماعة ، وعلى الخاتم ولبسه في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية