الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الدواء بالعجوة للسحر

                                                                                                                                                                                                        5435 حدثنا علي حدثنا مروان أخبرنا هاشم أخبرنا عامر بن سعد عن أبيه رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من اصطبح كل يوم تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل وقال غيره سبع تمرات [ ص: 249 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 249 ] قوله : ( باب الدواء بالعجوة للسحر ) العجوة ضرب من أجود تمر المدينة وألينه . وقال الداودي : هو من وسط التمر . وقال ابن الأثير : العجوة ضرب من التمر أكبر من الصيحاني يضرب إلى السواد ، وهو مما غرسه النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده بالمدينة . وذكر هذا الأخير القزاز .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا علي ) لم أره منسوبا في شيء من الروايات ، ولا ذكره أبو علي الغساني ، لكن جزم أبو نعيم في المستخرج بأنه علي بن عبد الله يعني ابن المديني ، وبذلك جزم المزي في " الأطراف " وجزم الكرماني بأنه علي بن سلمة اللبقي وما عرفت سلفه فيه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا مروان ) هو ابن معاوية الفزاري ، جزم به أبو نعيم ، وأخرجه مسلم عن محمد بن يحيى بن أبي عمر عن مروان الفزاري .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( هاشم ) هو ابن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وعامر بن سعد هو ابن عم أبيه ، ووقع في رواية أبي أسامة في الطريق الثانية في الباب " سمعت عامرا سمعت سعدا " ويأتي بعد قليل من وجه آخر " سمعت عامر بن سعد سمعت أبي " وهو سعد بن أبي وقاص .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( من اصطبح ) في رواية أبي أسامة من تصبح وكذا في رواية جمعة عن مروان الماضية في الأطعمة ، وكذا لمسلم عن ابن عمر وكلاهما بمعنى التناول صباحا ، وأصل الصبوح والاصطباح تناول الشراب صبحا ، ثم استعمل في الأكل ، ومقابله الغبوق والاغتباق بالغين المعجمة ; وقد يستعمل في مطلق الغذاء أعم من الشرب والأكل ، وقد يستعمل في أعم من ذلك كما قال الشاعر :

                                                                                                                                                                                                        صبحنا الخزرجية مرهفات

                                                                                                                                                                                                        وتصبح مطاوع صبحته بكذا إذا أتيته به صباحا ، فكأن الذي يتناول العجوة صباحا قد أتى بها ، وهو مثل تغدى وتعشى إذا وقع ذلك في وقت الغداء أو العشاء .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كل يوم تمرات عجوة ) كذا أطلق في هذه الرواية ، ووقع مقيدا في غيرها ، ففي رواية جمعة وابن أبي عمر سبع تمرات ، وكذا أخرجه الإسماعيلي من رواية دحيم عن مروان ، وكذا هو في رواية أبي أسامة في الباب ، ووقع مقيدا بالعجوة في رواية أبي ضمرة أنس بن عياض عن هاشم بن هاشم عند الإسماعيلي ، وكذا في رواية أبي أسامة ، وزاد أبو ضمرة في روايته التقييد بالمكان أيضا ولفظه من تصبح بسبع تمرات عجوة من تمر العالية والعالية القرى التي في الجهة العالية من المدينة وهي جهة نجد ، وقد تقدم لها ذكر في المواقيت من كتاب الصلاة ، وفيه بيان مقدار ما بينها وبين المدينة . وللزيادة شاهد عند مسلم من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة بلفظ في عجوة العالية شفاء في أول البكرة ووقع لمسلم أيضا من طريق أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن [ ص: 250 ] الأنصاري عن عامر بن سعد بلفظ من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها حين يصبح وأراد لابتي المدينة وإن لم يجر لها ذكر للعلم بها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل ) السم معروف وهو مثلث السين ، والسحر تقدم تحرير القول فيه قريبا ; وقوله : ذلك اليوم ظرف وهو معمول ليضره ، أو صفة لسحر . وقوله : إلى الليل فيه تقييد الشفاء المطلق في رواية ابن أبي مليكة حيث قال شفاء أول البكرة في أو ترياق وتردده في ترياق شك من الراوي ، والبكرة بضم الموحدة وسكون الكاف يوافق ذكر الصباح في حديث سعد ، والشفاء أشمل من الترياق يناسب ذكر السم ، والذي وقع في حديث سعد شيئان السحر والسم ، فمعه زيادة علم . وقد أخرج النسائي من حديث جابر رفعه العجوة من الجنة ، وهي شفاء من السم وهذا يوافق رواية ابن أبي مليكة . والترياق بكسر المثناة وقد تضم وقد تبدل المثناة دالا أو طاء بالإهمال فيهما ، وهو دواء مركب معروف يعالج به المسموم ، فأطلق على العجوة اسم الترياق تشبيها لها به ، وأما الغاية في قوله : إلى الليل فمفهومه أن السر الذي في العجوة من دفع ضرر السحر والسم يرتفع إذا دخل الليل في حق من تناوله من أول النهار ، ويستفاد منه إطلاق اليوم على ما بين طلوع الفجر أو الشمس إلى غروب الشمس ، ولا يستلزم دخول الليل ، ولم أقف في شيء من الطرق على حكم من تناول ذلك في أول الليل هل يكون كمن تناوله أول النهار حتى يندفع عنه ضرر السم والسحر إلى الصباح ، والذي يظهر خصوصية ذلك بالتناول أول النهار لأنه حينئذ يكون الغالب أن تناوله يقع على الريق ، فيحتمل أن يلحق به من تناول الليل على الريق كالصائم ، وظاهر الإطلاق أيضا المواظبة على ذلك . وقد وقع مقيدا فيما أخرجه الطبري من رواية عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها " كانت تأمر بسبع تمرات عجوة في سبع غدوات " وأخرجه ابن عدي من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن هشام مرفوعا ، وذكر ابن عدي أنه تفرد به ، ولعله أراد تفرده برفعه ، وهو من رجال البخاري لكن في المتابعات .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال غيره سبع تمرات ) وقع في نسخة الصغاني " يعني غير حديث علي " انتهى ، والغير كأنه أراد به جمعة ، وقد تقدم في الأطعمة عنه أو غيره ممن نبهت عليه ممن رواه كذلك .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية