الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 281 ] الزبيدي ( خ ، م ، د ، س ، ق )

                                                                                      محمد بن الوليد بن عامر الإمام الحافظ ، الحجة ، القاضي أبو الهذيل الزبيدي ، الحمصي ، قاضيها .

                                                                                      ولد في خلافة عبد الملك وحدث عن نافع مولى ابن عمر ، ومكحول ، وعمرو بن شعيب ، والزهري ، وسعيد المقبري ، وعامر بن عبد الله بن الزبير ، وعامر بن جشيب ، ولقمان بن عامر ، ويحيى بن جابر الطائي ، وراشد بن سعد ، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير ، وسليم بن عامر ، وعبد الرحمن بن القاسم ، والفضل بن فضالة ، وعبد الواحد بن عبد الله البصري ، وسعد بن إبراهيم ، وخلق .

                                                                                      حدث عنه : الأوزاعي ، وشعيب بن أبي حمزة ، وفرج بن فضالة ، ويمان بن عدي ، وبقية ، ومحمد بن حرب ، ويحيى بن حمزة القاضي ، وعبد الله بن سالم ، وعتبة بن حماد ، ومنبه بن عثمان ، وأخوه أبو بكر بن الوليد ، ومحمد بن عيسى بن سميع ، ومسلمة بن علي ، وآخرون . وكان من ألباء العلماء . وثقه يحيى بن معين . وقال : هو أثبت -يعني في الزهري - من سفيان بن عيينة . قال : وأثبت أصحاب الزهري مالك ، ثم معمر ، ثم عقيل ، ثم يونس ، ثم شعيب والأوزاعي والزبيدي . وقال الوليد بن مسلم : سمعت الأوزاعي يفضل محمد بن الوليد الزبيدي على جميع من سمع من الزهري .

                                                                                      [ ص: 282 ] سليمان بن عبد الحميد البهراني ، عن أبيه ، حدثني عبد الله بن سالم عن أخيه محمد قال : أتيت الزهري أقرأ عليه وأسمع منه فقال : تسألني وهذا محمد بن الوليد الزبيدي بين أظهركم ، وقد احتوى على ما بين جنبي من العلم ؟ ! . وقال علي ابن المديني ، وأبو زرعة ، والنسائي : ثقة . زاد علي : ثبت . وقال دحيم : شعيب بن أبي حمزة ثقة ثبت ، يشبه حديثه حديث عقيل ، والزبيدي فوقه . حدثني أبو اليمان قال : سئل الزهري عن مسألة ، فقال ، كيف وعندكم الزبيدي . وأخبرني علي بن عياش ، قال : كان الزبيدي على بيت المال ، وكان الزهري معجبا به يقدمه على جميع أهل حمص .

                                                                                      وروى بقية عن الزبيدي قال : أقمت مع الزهري عشر سنين بالرصافة - يعني رصافة هشام بالشام - .

                                                                                      قال ابن سعد : كان الزبيدي أعلم أهل الشام بالفتوى والحديث ، وكان ثقة -إن شاء الله .

                                                                                      قلت : كان من نظراء الأوزاعي في العلم . قال محمد بن عوف الطائي : الزبيدي من ثقات المسلمين ، فإذا جاءك الزبيدي عن الأوزاعي ، فاستمسك به .

                                                                                      وقال أبو داود السجستاني : قال الأوزاعي : لم يكن في أصحاب الزهري أثبت من الزبيدي . ثم قال أبو داود : ليس في حديثه خطأ .

                                                                                      وقال ابن حبان : كان من الحفاظ المتقنين ، أقام مع الزهري عشر سنين حتى احتوى على أكثر علمه ، وهو من الطبقة الأولى من أصحابه .

                                                                                      قلت : أين من يقيم مع الزهري بالحجاز أياما ، إلى من أقام معه في وطنه عشر سنين ؟ ! ما فوق الزبيدي في الجلالة والإتقان لعلم الزهري أحد أصلا ، ولكنه مات قديما فلم ينتشر عنه كثير علم .

                                                                                      [ ص: 283 ] قال ابن سعد : مات سنة ثمان وأربعين ومائة وهو ابن سبعين سنة . وقال أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي في " تاريخه " : مات وهو شاب في المحرم سنة تسع وأربعين ومائة كذا قال : وهو شاب . وهذا وهم بل كبر وشاخ وحديثه نحو المائتين فصاعدا .

                                                                                      أخبرنا محمد بن حمزة إجازة إن لم يكن سماعا ، وقرأته على سليمان الفقيه ، قالا : أنبأنا محمد بن عبد الواحد الحافظ ، أنبأنا محمد بن مكي الحافظ ، أنبأنا محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى الحافظ ، حدثنا محمد بن طاهر الحافظ ، حدثنا محمد بن عبد الواحد البزار بالري ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن علي بن حمدان ( ح ) وأنبأنا الخضر بن عبدان ، أنبأنا محمد بن الحسين القزويني سنة اثنتين وعشرين وستمائة ، أنبأنا محمد بن الحسن الأرغندي ، أنبأنا محمد بن الفضل الصاعدي ، أنبأنا محمد بن علي الخبازي وأبو سهل محمد بن أحمد قالوا ثلاثتهم : أنبأنا محمد بن مكي الكشميهني ، أنبأنا محمد بن يوسف بن مطر ، أنبأنا محمد بن إسماعيل الجعفي الحافظ ، أنبأنا محمد بن خالد ، حدثنا محمد بن وهب ، حدثنا محمد بن حرب ، حدثنا محمد بن الوليد الزبيدي أنبأنا الزهري - هو محمد بن مسلم - عن عروة بن الزبير ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى في بيتها جارية ، في وجهها سفعة ، فقال : استرقوا لها . فإن بها النظرة .

                                                                                      [ ص: 284 ] متفق عليه من طريق محمد بن حرب ، وقد تابعه عليه عبد الله بن سالم ، عن الزبيدي . وله علة لا تأثير لها إن شاء الله ، فرواه عقيل ، عن الزهري ، عن عروة مرسلا ، ومحمد بن خالد دلس اسمه البخاري ، ونسبه إلى جد أبيه وهو الإمام محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذهلي ، الذي صنف حديث الزهري ، وهذا الحديث من ثمانيات البخاري ، وقد وقع له ثلاثيات معروفة ، والله أعلم .

                                                                                      وقد وقع لنا عزيزا مسلسلا بالمحمدين إلى عروة ولا نظير له . وعدتهم خمسة عشر محمدا وأنا السادس عشر .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن إسحاق ، أنبأنا أكمل بن أبي الأزهر ، أنبأنا سعيد بن البناء أنبأنا محمد بن محمد الزينبي ، أنبأنا أبو بكر بن زنبور ، أنبأنا أبو بكر بن أبي داود ، حدثنا عمرو بن عثمان ، حدثنا بقية ، حدثني الزبيدي ، أخبرني الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب ، عن كعب بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : يحشر الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل ، فيكسوني عز وجل حلة خضراء ، ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول . فذلك المقام المحمود هذا حديث صالح الإسناد ولم يخرجوه في الكتب الستة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية