الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( فصل سن وإن لعمودي ومسافر لم يجد سيره )

                                                                                                                            ش : قال في الطراز وسئل ابن القاسم هل كان مالك يرى أن صلاة الكسوف سنة لا تترك مثل صلاة العيد سنة لا تترك ؟ .

                                                                                                                            قال : نعم قال سند : وهذا مما لا يختلف فيه وأبو حنيفة وصفها بالوجوب ، ونحن لا نتحاشى أن نقول : تجب وجوب السنن المؤكدة على أنه لا ينبغي تركها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها بالجماعة وأمر بها وهي من شعار الدين وشعار الإسلام ويجب إظهارها إلا أنها غير مفروضة لما بينا في صلاة الوتر أنه لا مفروض إلا الصلوات الخمس انتهى .

                                                                                                                            وقال في النوادر قال ابن حبيب : وصلاة الخسوف سنة على النساء والرجال ومن عقل الصلاة من الصبيان والمسافرين والعبيد انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عرفة وسمع ابن القاسم : إن تطوع من يصلي بأهل البادية بصلاة الكسوف ; فلا بأس ابن رشد يريد : الذين لا تجب عليهم الجمعة ، وأما من تجب عليهم ; فلا رخصة في تركهم الجمع للكسوف انتهى .

                                                                                                                            وأتى رحمه الله بأن المؤذنة بنفي الخلاف في المذهب ولم يأت بلو المشيرة إلى الخلاف المذهبي إشارة إلى أنه لم يرتض ما حكاه اللخمي عن مالك في مختصر ما ليس في المختصر من أنه لا يؤمر بها إلا من تلزمه الجمعة أخذا من قوله فيه قال مالك : إذا كانت قرية فيها خمسون رجلا ومسجد يجمعون فيه الصلاة فلا بأس أن يجمعوا صلاة الخسوف قال اللخمي : فأجراها مجرى الجمعة فيمن تجب عليه وكالعيدين في أحد الأقوال انتهى .

                                                                                                                            وقال في الطراز : وفيما قاله اللخمي نظر وليس فيه أنها تسقطه عمن لا جمعة عليهم وإنما فيه أن أهل الجمعة لا بأس أن يجمعوها يريد أن جمعهم بها أصوب من فعلها في الانفراد ، ومن لا جمعة لهم إن [ ص: 200 ] شاءوا جمعوا وإن شاءوا صلوا منفردين ، أما أن يتركوها فلا انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عرفة بعد أن ذكر كلام اللخمي وفيه نظر لاحتمال كونه شرطا في جمعها فقط انتهى .

                                                                                                                            ص ( لكسوف الشمس )

                                                                                                                            ش : سواء كان الكل أو البعض قال ابن بشير : والكسوف عبارة عن ظلمة أحد النيرين الشمس والقمر أو بعضها انتهى .

                                                                                                                            وفي الطراز : ولو انكسف كل الشمس فلم يصلوا حتى انجلى بعضها فإنهم يصلون لقيام الوقت ورغبة في إكمالها كما لو انكسف بعضها ابتداء انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن رشد في رسم تأخير صلاة العشاء من كتاب الجامع الرابع من سماع ابن القاسم لما تكلم على مسألة المنجم في أثناء كلامه على مدة مسير الشمس والقمر : فإذا قدر الله - عز وجل - ما أحكمه من أمره وقدره من منازله في مسيره أن يكون بإزاء الشمس في النهار فما بين الأبصار وبين الشمس ستر جرمه عن ضوء الشمس كله إن كان مقابلا لها كلها أو بعضه إن كان منحرفا عنها فكان ذلك هو الكسوف للشمس آية من آيات الله - عز وجل - يخوف بها عباده ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء عند ذلك وسن له صلاة الكسوف انتهى .

                                                                                                                            وقال الجزولي في شرح قول الرسالة : إذا خسفت الشمس انظر هل كلها أو بعضها ، قال ابن المنذر لا نصلي إلا إذا خسفت كلها ، الشيخ : أو جلها ; لأن حكم الكل حكم الجل انتهى .

                                                                                                                            ولا تصلى إذا خسفت بعضها أبو عمران وما قاله ابن المنذر تفسير الشيخ ; لأنه قال : إذا خسفت الشمس انتهى .

                                                                                                                            وقال أيضا في باب جمل من الفرائض واختلف متى تصلى ؟ .

                                                                                                                            قال ابن الهندي : حين تغيب كلها وتسود وكذلك إذا ذهب جلها تصلى ; لأن حكم الجل حكم الكل ، وأما إذا خسف منها الشيء اليسير ما رأيت من قال يصلى انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) يحمل على اليسير الذي لا يظهر إلا بتكلف ولا يدركه إلا من لديه شعور من أهل علم الفلك فإن الظاهر أنها لا تصلى حينئذ وإنما تصلى إذا ظهر الكسوف للناس ولو في بعضها والله أعلم .

                                                                                                                            ( تنبيهان الأول ) قال في الطراز : لا خلاف بين أهل اللغة في استعمال الكسوف في الشمس واختلف في استعمال الخسوف فذهب قوم إلى منعه وصار إلى ذلك بعض السلف وروي عن عروة قال : والأكثرون يقال خسفت وكسفت بمعنى واحد في الشمس والقمر وهو ذهاب ضوئهما انتهى .

                                                                                                                            ( الثاني ) قال في الذخيرة : ولا يصلى لزلزال وغيره من الآيات وحكى اللخمي عن أشهب الصلاة واختاره انتهى .

                                                                                                                            ص ( ركعتان سرا )

                                                                                                                            ش : هذا هو المشهور وعليه اختلف في قراءة المأموم خلف إمامه فقال أشهب : لا يقرأ وقال أصبغ : يقرأ ابن ناجي وهو الجاري على أصل المذهب

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية