الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا .

                                                                                                                                                                                                                                      ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار زعموا أن الله لن يجعل لهم موعدا ، والموعد يشمل زمان الوعد ومكانه ، والمعنى : أنهم زعموا أن الله لم يجعل وقتا ولا مكانا لإنجاز ما وعدهم على ألسنة رسله من البعث والجزاء والحساب . وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من إنكارهم البعث جاء مبينا في آيات كثيرة ، كقوله تعالى : زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا الآية [ 64 \ 7 ] ، وقولـه عنهم : وما نحن بمبعوثين [ 6 \ 29 ] ، وما نحن بمنشرين [ 44 \ 35 ] ، ونحو ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد بين الله تعالى كذبهم في إنكارهم للبعث في آيات كثيرة ، كقوله في هذه السورة الكريمة : بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا [ 18 \ 58 ] ، وقولـه : قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم الآية [ 64 \ 7 ] ، وقولـه : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا [ 16 \ 38 ] ، وقولـه : كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين [ 21 \ 104 ] ، والآيات بمثل هذا كثيرة جدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قدمنا في [ ص: 287 ] سورة " البقرة " وسورة " النحل " البراهين التي يكثر في القرآن العظيم الاستدلال بها على البعث ، وقولـه تعالى في هذه الآية الكريمة : بل زعمتم إضراب انتقالي من خبر إلى خبر آخر ، لا إبطالي كما هو واضح . وأن في قوله : ألن نجعل ، مخففة من الثقيلة ، وجملة الفعل الذي بعدها خبرها ، والاسم ضمير الشأن المحذوف على حد قوله في الخلاصة :


                                                                                                                                                                                                                                      وإن تخفف أن . . .

                                                                                                                                                                                                                                      البيت .

                                                                                                                                                                                                                                      والفعل المذكور متصرف وليس بدعاء ، ففصل بينه وبينها بالنفي . على حد قوله في الخلاصة :

                                                                                                                                                                                                                                      وإن يكن فعلا ولم يكن دعا

                                                                                                                                                                                                                                      البيتين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية