الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 92 ] 142

ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين ومائة

ذكر خلع عيينة بن موسى بن كعب

في هذه السنة خلع عيينة بن موسى بالسند ، وكان عاملا عليها .

وسبب خلعه أن أباه كان استخلف المسيب بن زهير على الشرط ، فلما مات موسى أقام المسيب على ما كان يلي من الشرط ، وخاف أن يحضر المنصور عيينة فيوليه ما كان إلى أبيه ، فكتب إليه ببيت شعر ، ولم ينسب الكتاب إلى نفسه :

فأرضك أرضك إن تأتنا تنم نومة ليس فيها حلم

فخلع الطاعة .

فلما بلغ الخبر إلى المنصور سار بعسكره حتى نزل على جسر البصرة ، ووجه عمر بن حفص بن أبي صفرة العتكي عاملا على السند والهند ، فحاربه عيينة ، فسار حتى ورد السند فغلب عليها .

ذكر نكث الأصبهبذ

في هذه السنة نكث الأصبهبذ بطبرستان العهد بينه وبين المسلمين ، وقتل من كان ببلاده منهم ، فلما انتهى الخبر إلى المنصور سير مولاه أبا الخصيب ، وخازم بن خزيمة ، وروح بن حاتم ، فأقاموا على الحصن يحاصرونه وهو فيه .

فلما طال عليهم المقام احتال أبو الخصيب في ذلك فقال لأصحابه : اضربوني واحلقوا رأسي ولحيتي . ففعلوا ذلك به . ولحق بالأصبهبذ فقال له : فعل بي هذا تهمة منهم لي أن يكون هواي معك ، وأخبره أنه معه ، وأنه دليل على عورة عسكرهم . فقبل ذلك الأصبهبذ ، وجعله في خاصته وألطفه .

[ ص: 93 ] وكان باب حصنهم من حجر يلقى إلقاء ، ترفعه الرجال وتضعه عند فتحه وإغلاقه ، وكان الأصبهبذ يوكل به ثقات أصحابه نوابا بينهم ، فلما وثق الأصبهبذ بأبي الخصيب وكله بالباب ، فتولى فتحه وإغلاقه حتى أنس به .

ثم كتب أبو الخصيب إلى روح وخازم ، وألقى الكتاب في سهم ، وأعلمهم أنه قد ظفر بالحيلة ، وواعدهم ليلة في فتح الباب ، فلما كان تلك الليلة فتح لهم ، فقتلوا من في الحصن من المقاتلة ، وسبوا الذرية ، وأخذوا شكلة ، أم إبراهيم بن المهدي . وكان مع الأصبهبذ سم فشربه فمات .

وقد قيل : إن ذلك سنة ثلاث وأربعين ومائة .

ذكر عدة حوادث

وفيها مات سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس وهو على البصرة في جمادى الآخرة ، وعمره تسع وخمسون سنة ، وصلى عليه أخوه عبد الصمد

وفيها عزل نوفل بن الفرات عن مصر ووليها حميد بن قحطبة .

وحج بالناس إسماعيل بن علي بن عبد الله ، وكان العمال من تقدم ذكرهم .

وولى المنصور الجزيرة والثغور والعواصم أخاه العباس بن محمد ، وعزل المنصور عمه إسماعيل بن علي عن الموصل ، واستعمل عليها مالك بن [ ص: 94 ] الهيثم الخزاعي جد أحمد بن نصير الذي قتله الواثق ، وكان خير أمير .

[ الوفيات ]

فيها مات يحيى بن سعيد الأنصاري أبو سعيد قاضي المدينة ، وقيل سنة ثلاث ، وقيل سنة أربع وأربعين . وفيها مات موسى بن عقبة مولى آل الزبير . وفيها توفي أيضا عاصم بن سليمان الأحول ، وقيل سنة ثلاث وأربعين .

وفيها مات حميد بن أبي حميد طرخان ، وقيل مهران ، مولى طلحة بن عبد الله الخزاعي ، وهو حميد الطويل ، يروي عن أنس بن مالك ، وعمره خمس وسبعون سنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية