الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      نهى الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن تعدو عيناه عن ضعفاء المؤمنين وفقرائهم ، طموحا إلى الأغنياء وما لديهم من زينة الحياة الدنيا ، ومعنى ولا تعد عيناك [ 18 \ 28 ] ، أي : لا تتجاوزهم عيناك وتنبو عن رثاثة زيهم ، محتقرا لهم طامحا إلى أهل الغنى والجاه والشرف بدلا منهم ، وعدا يعدو : تتعدى بنفسها إلى المفعول وتلزم ، والجملة في قوله : تريد زينة الحياة الدنيا في محل حال والرابط الضمير ، على حد قوله في الخلاصة :


                                                                                                                                                                                                                                      وذات بدء بمضارع ثبت حوت ضميرا ومن الواو خلت

                                                                                                                                                                                                                                      وصاحب الحال المذكورة هو الضمير المضاف إليه في قوله : " عيناك " ، وإنما ساغ ذلك لأن المضاف هنا جزء من المضاف إليه ، على حد قوله في الخلاصة :

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تجز حالا من المضاف له إلا إذا اقتضى المضاف عمله أو كان جزء ما له أضيفا أو مثل جزئه فلا تحيفا وما نهى الله عنه نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة من طموح العين إلى زينة الحياة الدنيا ، مع الاتصاف بما يرضيه جل وعلا من الثبات على الحق ، كمجالسة فقراء المؤمنين ، أشار له أيضا في مواضع أخر ، كقوله : فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا [ 20 \ 130 - 131 ] ، وقولـه تعالى : ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم الآية [ 15 \ 87 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية