الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4871 ، 4872 - وعن عبد الرحمن بن غنم ، وأسماء بنت يزيد - رضي الله عنهم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله ، وشرار عباد الله المشاؤون بالنميمة ، والمفرقون بين الأحبة ، الباغون البرآء العنت " . رواهما أحمد والبيهقي في " شعب الإيمان " .

التالي السابق


4871 ، 4872 - ( وعن عبد الرحمن بن غنم ) : بفتح الغين المعجمة وسكون النون على ما ضبطه المغني ونص عليه المؤلف وقال : هو أشعري شامي ، أدرك الجاهلية والإسلام ، وأسلم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و لم يره ، ولازم معاذ بن جبل منذ بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن إلى أن مات معاذ ، وكان أفقه أهل الشام ، روى عن قدماء الصحابة مثل عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل . اهـ . فكان حقه أن يقول في آخر الحديث مرسلا تنبيها على ذلك . ( وأسماء بنت يزيد ) أي : ابن السكن ، و لم يذكرها المؤلف في الأسماء ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله ) بصيغة المفعول فيهما أي : يتذكر برؤيتهم ذكر الله ، وفيه إيماء إلى حديث : المؤمن مرآة المؤمن على أحد معانيه .

قال الطيبي : يحتمل وجهين ، أحدهما أنهم في الاختصاص بالله ; بحيث إذا رؤوا خطر ببال من رآهم مولاهم لما فيهم من سيما العبادة ، وثانيهما : أن من رآهم يذكر الله تعالى ، كما روى ابن الأثير في النهاية عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " النظر إلى وجه علي عبادة " . قلت : وقد رواه الطبراني والحاكم عن أبي مسعود ، وعن عمران بن حصين ، بلفظ : " النظر إلى علي عبادة " . ونظيره ما روى أبو الشيخ عن عائشة مرفوعا : " النظر إلى الكعبة عبادة " ، ثم قيل : معناه أن عليا كرم الله وجهه كان إذا برز قال الناس : " لا إله إلا الله ما أكرم هذا الفتى ، ما أشجع هذا الفتى ، ما أعلم هذا الفتى ، ما أحلم هذا الفتى ، فكانت رؤيته تحملهم على كلمة التوحيد . ( وشرار عباد الله المشاؤون ) : بصيغة المبالغة للنسبة أي : الذين يمشون ( بالنميمة ) أي : على وجه الفساد كما بينه بقوله : ( والمفرقون بين الأحبة ، الباغون ) أي : الطالبون البراء ) : بفتح الموحدة والراء بمعنى البريء ، مصدر وصف به للمبالغة ، ففي القاموس أنت بريء ، والجمع بريئون وكفقهاء وكرام وأشراف وأنصباء ورجال ، وأنا براء منه - لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث - بريء . قال الطيبي وهو قوله : ( العنت ) منصوبان مفعولان للباغين ، يقال : بغيت فلانا خيرا ، وبغيتك الشيء : طلبته لك ، وبغيت للشيء طلبته . اهـ .

[ ص: 3056 ] وحاصله أن العنت مفعول ثان للباغون ، وفي رواية ( للبرآء العنت ) وهو بفتح العين المهملة والنون ، المشقة والفساد والهلاك والإثم والخطأ والغلط والزنا ، كل ذلك قد جاء وأطلق العنت عليه ، والحديث يحتمل كلها ، فإن الموجود في نسخة صحيحة بضم الموحدة في ( البراء ) وهو جمع بريء كما سبق ، وفي نسخة بضم موحدة وفتح راء وهمزة ممدودة . قال النووي في شرح مسلم : هو على وزن فضلاء جمع بريء . اهـ . والحديث في الجامع الصغير بلفظ : " خياركم الذين إذا رؤوا ذكر الله بهم وشراركم المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون البراء العنت " . رواه البيهقي عن ابن عمر ، لكن . قال المؤلف : ( رواهما ) أي : الحديثين السابقين ، وسبق الكلام على السابق منهما . ( أحمد ، والبيهقي في شعب الإيمان ) : وفي الجامع الصغير : رواه أحمد ، عن عبد الرحمن بن غنم ، والطبراني عن عبادة بن الصامت بلفظ : " خيار أمتي الذين إذا رؤوا ذكر الله ، وشرار أمتي المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون البراء العنت " .




الخدمات العلمية