الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3802 حدثنا العباس العنبري حدثنا النضر بن محمد حدثنا عكرمة بن عمار حدثني أبو زميل هو سماك بن الوليد الحنفي عن مالك بن مرثد عن أبيه عن أبي ذر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر شبه عيسى ابن مريم عليه السلام فقال عمر بن الخطاب كالحاسد يا رسول الله أفتعرف ذلك له قال نعم فاعرفوه له قال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد روى بعضهم هذا الحديث فقال أبو ذر يمشي في الأرض بزهد عيسى ابن مريم عليه السلام

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا العباس ) بن عبد العظيم ( أخبرنا النضر بن محمد ) بن موسى الجرشي ( حدثني [ ص: 206 ] أبو زميل ) اسمه : سماك بن الوليد " عن مالك بن مرثد " بن عبد الله الزماني ( عن أبيه ) أي : مرثد بن عبد الله الزماني بكسر الزاي وتشديد الميم مقبول من الثالثة . قوله : " من ذي لهجة " بفتح فسكون وقيل : بفتحتين وهي اللسان وقيل : طرفه ، والمعنى من ذي نطق ، وقيل : لهجة اللسان ما ينطق به أي : من صاحب كلام ، وكلمة " من " زائدة " أصدق " أي : أكثر صدقا " ولا أوفى " أي : بكلامه من الوعد ، والعهد " من أبي ذر " أي : ولا أقلت الغبراء أحدا ذا لهجة وصدق ، ولا أوفى بكلامه من أبي ذر " شبه عيسى ابن مريم " بالجر بدل أي : شبيهه ، وفي الاستيعاب من الحديث " من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم فلينظر إلى أبي ذر " . انتهى . فالتشبيه يكون من جهة التواضع قاله القاري قلت : حديث " من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم فلينظر إلى أبي ذر " أخرجه أبو يعلى في مسنده عن أبي هريرة كذا في الجامع الصغير ، قال المناوي في شرحه قوله : " فلينظر إلى أبي ذر " . فإنه في مزيد التواضع ولين الجانب وخفض الجناح يقرب منه ( فقال عمر بن الخطاب كالحاسد ) أي : على طريقة الغبطة ( أفتعرف ) من التعريف ( ذلك ) أي : ما ذكرت من منقبته ( له ) أي : لأبي ذر ، والمعنى : هل تعلمن ذلك له ( قال ) أي : رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " نعم " أي : أعلمكم ذلك له " فاعرفوه " أي : فاعلموه ، قال التوربشتي قوله أصدق من أبي ذر مبالغة في صدقه لا أنه أصدق من كل على الإطلاق ؛ لأنه لا يكون أصدق من أبي بكر بالإجماع فيكون عاما قد خص ، قال الطيبي يمكن أن يراد به أنه لا يذهب إلى التورية ، والمعاريض في الكلام فلا يرخي عنان كلامه ولا يحابي مع الناس ولا يسامحهم ويظهر الحق البحت والصدق المحض ومن ثمة عقبه بقوله : ولا أوفى أي : يوفي حق الكلام إيفاء لا يغادر شيئا منه . قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) قال ميرك : هو حديث رجاله موثقون . قوله : ( فقال أبو ذر يمشي في الأرض بزهد عيسى ابن مريم ) قال القاري : ولا منافاة بين أن يكون متواضعا وزاهدا بل الزهد هو الموجب للتواضع .

                                                                                                          [ ص: 207 ] ( مناقب عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- )



                                                                                                          الخدمات العلمية