الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1650 حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي الكوفي حدثنا أبي عن هشام بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن ابن أبي ذباب عن أبي هريرة قال مر رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعب فيه عيينة من ماء عذبة فأعجبته لطيبها فقال لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشعب ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة اغزو في سبيل الله من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة قال أبو عيسى هذا حديث حسن

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن سعيد بن أبي هلال ) قال في التقريب : سعيد بن أبي هلال الليثي مولاهم أبو العلاء المصري قيل مدني الأ صل وقال ابن يونس : بل نشأ بها ، صدوق لم أر لابن حزم في تضعيفه سلفا ، إلا أن الساجي حكى عن أحمد أنه اختلط من السادسة انتهى . وقد وقع في النسخة الأحمدية المطبوعة في الهند عن سعد بن أبي هلال وهو غلط فاحش فإنه ليس في الرجال من اسمه سعد بن أبي هلال ( عن ابن أبي ذباب ) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن سعد بن أبي ذباب ، بضم المعجمة وموحدتين ثقة من الثالثة .

                                                                                                          قوله : ( مر رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بشعب ) قال في القاموس : الشعب بالكسر الطريق في الجبل ومسيل الماء في بطن أرض ، أو ما انفرج بين الجبلين انتهى . والظاهر أن المراد هنا هو المعنى الأخير ( فيه عيينة ) تصغير عين بمعنى المنبع ( من ماء ) قال الطيبي : صفة عيينة جيء بها مادحة لأن التنكير فيها يدل على نوع ماء صاف تروق بها الأعين وتبهج به الأنفس ( عذبة ) بالرفع صفة عيينة وبالجر على الجوار أي طيبة أو طيب ماؤها . قال الطيبي : وعذبة صفة أخرى مميزة لأن الطعم الألذ سائغ في المريء ، ومن ثم أعجب الرجل وتمنى الاعتزال عن الناس ( فأعجبته ) أي العيينة وما يتعلق بها من المكان ( فقال ) أي الرجل ( لو اعتزلت الناس ) لو للتمني ويجوز أن تكون لو امتناعية ، و قوله : ( فأقمت في هذا الشعب ) عطف على اعتزلت ، وجواب لو محذوف أي لكان خيرا لي ( فذكر ذلك ) أي ما خطر بقلبه ( فقال لا تفعل ) نهي عن ذلك لأن الرجل صحابي وقد وجب عليه الغزو ، فكان اعتزاله للتطوع معصية لاستلزامه ترك الواجب ، ذكره ابن الملك تبعا للطيبي ( فإن مقام أحدكم ) قال القاري بفتح الميم أي قيامه . وفي نسخة يعني من المشكاة بضمها وهي الإقامة بمعنى ثبات أحدكم ( في سبيل الله ) أي بالاستمرار في القتال مع الكفار خصوصا في خدمة سيد الأبرار ( أفضل من صلاته في بيته ) يدل على أن طلبه كان مفضولا لا محرما ( سبعين عاما ) قال القاري : المراد به الكثرة لا التحديد فلا ينافي ما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مقام الرجل في الصف في سبيل [ ص: 239 ] الله أفضل عند الله من عبادة الرجل ستين سنة ، رواه الحاكم عن عمران بن حصين ، وقال على شرط البخاري . ورواه ابن عدي وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه : قيام أحدكم انتهى . ( ألا ) بالتخفيف للتنبيه ( تحبون أن يغفر الله لكم ) أي مغفرة تامة ( يدخلكم الجنة ) أي إدخالا أوليا ( اغزوا في سبيل الله ) أي دوموا على الغزو في دينه تعالى ( من قاتل في سبيل الله فواق ناقة ) قال في القاموس : الفواق كغراب هو ما بين الحلبتين من الوقت ويفتح ، أو ما بين فتح يدك وقبضها على الضرع انتهى . وقال في المجمع : هو ما بين الحلبتين لأنها تحلب ثم تترك سريعة ترضع الفصيل لتدر ثم تحلب انتهى .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن ) وأخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ، ورواه أحمد من حديث أبي أمامة أطول منه إلا أنه قال : " ولمقام أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة " ، كذا في الترغيب .




                                                                                                          الخدمات العلمية